وكان سبب عرض أبى طاهر طاعته وإخلاصه لعبد الله بن المهدى تصديق أن المشار إليه من الأئمة الجعفرية.
لأن عبد الله بن المهدى كان قد خرج منتسبا إلى محمد بن إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق. ولما كان عبد الله المهدى صحيح الاعتقاد رد ما يضمره أبو طاهر وخرجه.
قد وجد فى الملوك الفاطمية من روج فكر أبى طاهر وكان الحاكم بأمر الله المنصور الذى جلس على عرش مصر سنة أربعمائة الهجرية من هؤلاء ، وقد وصل غدره وظلمه إلى درجة ادعاء الألوهية ، وحرص على أن يوقع فيما كتبه من الأوامر بسم الله الحكم الرحمن الرحيم ، وأمر بأن يذكر اسمه فى البلاد التى كانت تحت سلطته ، وخاصة فى الحرمين الشريفين فى الخطب. وأينما ذكر اسمه كان الناس يقومون على أرجلهم ويبرزون مراسم تعظيمهم له واحترامهم.
قد تجرأ القرامطة فى السنين (٢٨٧ و ٣١٣) على الإغارة على الكوفة وفى سنة (٢٨٦) على البحرين ، وفى سنة (٢٨٩ ، ٢٩٣) على الشام ودمشق ، وسنة (٣٠٧) على البصرة ، وفى سنة (٣١٥) على الأنبار ، وفى سنة (٣١٦) على البلاد المشهورة مثل الرحبة والرقة وهيط ، وقتلوا أهاليها وقضوا عليهم واستأصلوا قوافل حجاج العراق فى سنة (٢٩٤ ، ٣١٢ ، ٣٦١) ، وأغلقوا طرق الحج فى سنة (٣١٤ ، ٣٥٦ ، ٣٦٣ ، ٣٨٤).
ودفع ظل تسلطهم الثقيل من فوق أكتاف الناس فى سنة (٣٧٦) ، وعلى قول (٣٨٤) فى خلافة الطائع بالله بسيف الشريعة المنتقم.
هناك اختلاف كبير فى بيان حقيقة عقائد القرامطة الباطلة ، وبناء على ما يذكره فريق من المؤرخين فإن أول شخص ظهر فيهم قد تجرأ وادعى النبوة. وحاول أن يقنع الناس بكتاب ألفه أنه من الكتب السماوية ، وبناء على رأى فريق آخر من المؤرخين وتدقيقاتهم أن أول من ظهر من القرامطة رجل من الأئمة الإسماعيلية ، وادعى أنه مبعوث من قبل الإمام المهدى ، وأراد أن يقنع الناس بذلك.