على بك ، ومساعدة الأهالى والعربان فاضطروا للانسحاب ، وبما أن جدة بمثابة مفتاح الحرمين المباركين ، أرسل فى سنة ١١٣٨ من استانبول الفرقة ثلاثة وسبعين الإنكشارية مع مقدار كاف من حراس الحدود لتأمين القلعة المذكورة من هجمات الأجانب وتسلطهم ، وبعد اثنتين وعشرين عاما وفى سنة ١١٦٠ عمرت ورممت الأماكن التى اقتضى الأمر إصلاحها فى جدة بواسطة والى جدة والحبش تاتار عثمان باشا المشهور.
وفى جدة المعمورة معسكر للجيش ، ودائرة موانى ، خمسة جوامع وثلاثون مسجدا ، ودائرة حكومية ، ودائرة جمرك وسبعة أضرحة ، وبرجان وثلاثمائة صهريج وحمام ، وألف وثلاثمائة منزل وتسعمائة دكان وأربعون مقهى وأحد عشر مخزنا ، وسبع وأربعون طاحونة تدار بالحيوانات ، ومصبغ ، وعشرة مطاعم ، وفندقان ، وثلاثون خانا لبيع الغاز والنفظ ، وأربعة أحواض ، وتسعة سبل ومخزن للماء للسفن وست إدارات للشرطة ، وقلعة ، ودائرة للبلدية.
وأكثر هذه المبانى منتظمة ومبنية بالآجر ، وشوارعها منظمة فى خط مستقيم ، ودكاكينها مملوءة بأنواع الأقمشة والأمتعة الهندية ، والدائرة الحكومية فى باب المدينة وموقعها فى غاية اللطف ، وهواؤها بالنسبة للأماكن الأخرى جيد وخفيف.
وكان موظفو الحكومة قبل ذلك يقيمون فى القصر المنسوب لطوسون باشا ابن والى مصر المشهور محمد على باشا والذى اتخذ الآن سجنا ، وقبل أن ينتقل موظفو الحكومة لهذا القصر كانوا يقيمون فى دائرة قاعة الإمارة ، الكائنة فى الحى اليمانى ، وكانت هذه الدائرة أقدم دائرة حكومية وآل أمرها إلى الخراب الآن.
وكانت مدينة جدة إلى سنة ١٢٨٠ مركز أيالتى جدة والحبش فنقلت الولاية فى تلك السنة إلى مكة المكرمة. وكان الولاة من الأسلاف وإن كانوا يقيمون فى مدينة جدة إلا أنهم كانوا يمضون مواسم الحج فى مكة المكرمة.