مصادر الإلهام للفكر الاصولي
لا نستطيع ـ ونحن لا نزال في الحلقة الاولى ـ أن نتوسّع في دراسة مصادر الإلهام للفكر الاصولي ، ونكشف عن العوامل التي كانت تلهم الفكر الاصولي وتمدّه بالجديد تلو الجديد من النظريات ؛ لأنّ ذلك يتوقّف على الإحاطة المسبقة بتلك النظريات ، ولهذا سوف نلخِّص في ما يلي مصادر الإلهام بصورةٍ موجزة :
١ ـ بحوث التطبيق في الفقه : فإنّ الفقيه تتكشّف لديه من خلال بحثه الفقهي التطبيقي المشاكل العامة في عملية الاستنباط ، ويقوم علم الاصول عندئذٍ بوضع الحلول المناسبة لها ، وتصبح هذه الحلول والنظريات عناصر مشتركةً في عملية الاستنباط. ولدى محاولة تطبيقها على مجالاتها المختلفة كثيراً ما ينتبه الفقيه إلى أشياء جديدةٍ يكون لها أثر في تعديل تلك النظريات أو تعميقها.
ومثال ذلك : أنّ علم الاصول يقرّر أنّ الشيء إذا وجب وجبت مقدمته ، فالوضوء يجب ـ مثلاً ـ إذا وجبت الصلاة ؛ لأنّ الوضوء من مقدمات الصلاة ، كما يقرّر علم الاصول أيضاً أنّ مقدمة الشيء إنّما تجب في الظرف الذي يجب فيه ذلك الشيء ولا يمكن أن تسبقه في الوجوب ، فالوضوء إنّما يجب حين تجب