هذا الاتّجاه حديثة ولم تدخل الفكر العلمي قبل عصره.
وهكذا نتبيّن كيف تظهر بين فترةٍ وفترةٍ اتّجاهات جديدة ، وتتضخّم أهمّيتها العلمية بحكم المشاكل التي يفرضها عامل الزمن.
٦ ـ عنصر الإبداع الذاتي : فإنّ كلّ علمٍ حين ينمو ويشتدّ يمتلك بالتدريج قدرةً على الخلق والتوليد الذاتي نتيجةً لمواهب النوابغ في ذلك العلم والتفاعل بين أفكاره. ومثال ذلك في علم الاصول : بحوث الاصول العملية ، وبحوث الملازمات والعلاقات بين الأحكام الشرعية ، فإنّ أكثر هذه البحوث نتاج اصولي خالص.
ونقصد ببحوث الاصول العملية : تلك البحوث التي تدرس نوعية القواعد الاصولية والعناصر المشتركة التي يجب على الفقيه الرجوع إليها لتحديد موقفه العملي إذا لم يجد دليلاً على الحكم وظلّ الحكم الشرعي مجهولاً لديه.
ونقصد ببحوث الملازمات والعلاقات بين الأحكام : ما يقوم به علم الاصول من دراسة الروابط المختلفة بين الأحكام ، من قبيل مسألة أنّ النهي عن المعاملة هل يقتضي فسادها ، أوْ لا؟ إذ تدرس في هذه المسألة العلاقة بين حرمة البيع وفساده ، وهل يفقد أثره في نقل الملكية من البائع إلى المشتري إذا أصبح حراماً ، أو يظلّ صحيحاً ومؤثّراً في نقل الملكية بالرغم من حرمته؟ أي أنّ العلاقة بين الحرمة والصحة هل هي علاقة تضادٍّ أوْ لا؟
وبودِّي أن اشير بهذا الصدد إلى حقيقةٍ يجب أن يعلمها الطالب ولو بصورةٍ مجملة ، حيث لا يمكن توضيحها والتوسّع فيها على مستوى هذه الحلقة.
وهذه الحقيقة هي : أنّ علم الاصول لم يقتصر إبداعه الذاتي على مجاله