الفصل الثاني
في حجّية الظهور
إذا أردنا أن نفسّر كلمةً من ناحيةٍ لغويةٍ ـ كما يصنع اللغويون في معاجم اللغة ـ فسوف نفسِّرها بمعناها الذي ارتبطت به في اللغة أو بأقرب معانيها إليها إذا كانت ذات معانٍ متعدّدة ، فنقول عن كلمة «بحر» مثلاً : إنّها تدلّ في اللغة على الكمّية الهائلة الغزيرة من الماء المجتمعة في مكانٍ واحد ؛ لأنّ هذا هو أقرب المعاني الى الكلمة في اللغة ، أي المعنى الظاهر منها.
وأمّا إذا جاءت كلمة «بحر» في كلام شخصٍ يقول : «اذهب الى البحر في كلّ يوم» وأردنا أن نفسّر الكلمة في كلامه فلا يكفي أن نعرف ما هو أقرب المعاني الى كلمة «البحر» لغةً ، أي المعنى الظاهر منها ، بل يجب أن نعرف ما ذا أراد المتكلِّم بالكلمة ؛ لأنّ المتكلّم قد يريد بالكلمة معنىً آخر غير المعنى الظاهر. فالمهمّ بصورةٍ أساسيةٍ إذن أن نكتشف مراد المتكلّم ، أي المدلول النفسي للّفظ ، ولا يكفي مجرّد معرفة المدلول اللغوي.
ومثال ذلك أيضاً : صيغة الأمر إذا جاءت في كلام الآمر ولم ندرِ هل أراد الوجوب أو الاستحباب؟ فإنّ الغرض الأساسي هو أن نعرف ما ذا أراد؟ ولا يكفينا أن نعرف مدلول الصيغة لغوياً فحسب ، إذ قد يكون مدلولها