وهكذا نستنتج : أنّ عمليات الاستنباط للأحكام في الفقه تشتمل على عناصر خاصّة ، كما تشتمل على عناصر مشتركة ، ونعني بالعناصر الخاصّة : تلك العناصر التي تتغيّر من مسألةٍ إلى مسألة ، فرواية يعقوب بن شعيب عنصر خاصّ في عملية استنباط حرمة الارتماس ؛ لأنّها لم تدخل في عمليات الاستنباط الاخرى ، بل دخل بدلاً عنها عناصر خاصّة اخرى ، كرواية عليّ بن مهزيار ورواية زرارة.
ونعني بالعناصر المشتركة : القواعد العامة التي تدخل في عمليات استنباط أحكامٍ عديدةٍ على مواضيع مختلفة ، كعنصر حجّية الظهور ، وعنصر حجّية الخبر.
وفي علم الاصول تُدرس العناصر المشتركة في عملية الاستنباط التي لا يقتصر ارتباطها على مسألةٍ فقهيةٍ خاصّةٍ بالذات. وفي علم الفقه تدرس العناصر الخاصّة بكلّ عمليةٍ من عمليات الاستنباط في المسألة التي ترتبط بتلك العملية.
وهكذا يترك للفقيه في كلّ مسألةٍ أن يفحص بدقّةٍ الروايات الخاصّة التي ترتبط بتلك المسألة ويدرس قيمة تلك الروايات ، ويحاول فهم نصوصها وألفاظها على ضوء العرف العام. بينما يتناول الاصولي البحث عن حجّية العرف العام بالذات والبحث عن حجّية الخبر ، ويطرح أسئلة ليجيب عليها ، من هذا القبيل : هل العرف العام حجّة؟ وما هو مدى النطاق الذي يجب الرجوع فيه إلى العرف العام؟ وبأيِّ دليلٍ نثبت حجّية الخبر؟ وما هي الشروط العامة في الخبر الذي منحه الشارع صفة الحجّية واعتبره دليلاً؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي تتّصل بالعناصر المشتركة في عملية الاستنباط.
وعلى هذا الضوء نستطيع أن نفهم التعريف الذي أعطيناه لعلم الاصول ، إذ