الإلهي في الحياة ، في عقولهم ونفوسهم ومواقفهم ، وبعد إلقاء الحجّة عليهم ، ترك سبحانه لهم حرية اختيار ما يرونه بلا اكراه ، قال تعالى : ( إِنَّا خَلَقْنَا الإِْنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ) (١).
والناس متساوون في هدايتهم لنجد الخير ونجد الشر ، قال تعالى : ( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ) (٢).
وهم أحرار في اختيار الهدى أو الضلال ، قال تعالى : ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ) (٣).
والناس متساوون في اصلاح نفوسهم وعدم اصلاحها ، فقد ألهَمَ الله تعالى كل نفس عناصر الفجور والتقوى ، ثم رسم لها طريق الصلاح والطلاح ، والأمر عائد للإنسان نفسه : ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) (٤).
في هذه الحياة سننٌ إلهية ثابتة لا تتبدّل ولا تتغيّر ولا تختلف ، والناس متساوون أمامها دون فرق أو تمييز ، فالله تعالى لا يغيّر ما بهم حتى يغيّروا ما بأنفسهم : ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا
__________________
(١) سورة الانسان : ٧٦ / ٢ و ٣.
(٢) سورة البلد : ٩٠ / ١٠.
(٣) سورة يونس : ١٠ / ١٠٨.
(٤) سورة الشمس : ٩١ / ٧ ـ ١٠.