ورجعت قريش إلى مكّة بالانكسار.
وعند انتهاء المعركة بانتكاسة المشركين وهزيمتهم ، لم يأمر صلىاللهعليهوآله بملاحقتهم ، لأنّه جاء صلىاللهعليهوآله رحمة للناس أجمعين ؛ كما حرّم التمثيل بجثث القتلى على الرغم من وجود حقد عند بعض المسلمين عليهم حينما كانوا يعذبون في مكة من قبلهم.
ولما قدم رسول الله صلىاللهعليهوآله في هجرته إلى المدينة ، رأى ان موقع الإسلام والمسلمين بين اليهود في خطر شديد. فانهم كانوا محدقين بالمدينة وهم بنو النضير وبنو قريظة وبنو قينقاع. فكان أول أعمال رسول الله صلىاللهعليهوآله في هجرته أنه عاهد هؤلاء اليهود على السلم وأمانة الجوار ، وأن لا يكيدوا المسلمين ولا يخونوهم ، ولا يساعدوا عليهم عدواً. ولكن بني قينقاع غدروا بعد وقعة بدر ، وصاروا يكاتبون المشركين ، وانشبوا حرباً بينهم وبين المسلمين ، فغزاهم صلىاللهعليهوآله وانتصر عليهم ، فطلبوا النجاة بالجلاء عن بلادهم فسمح لهم بذلك (١). ولم يقتل منهم أحداً ، مع أن الحقّ معه فيما لو أراد قتلهم جزاءً لخيانتهم وغدرهم.
بعد هزيمة المشركين في بدر توجه جماعة ممن أصيب آباؤهم وأبناؤهم واخوانهم في المعركة ، فكلّموا أبا سفيان ومن معه من اصحاب الاموال فقالوا : إن محمداً قد وتركم ، وقتل خياركم ، فاعينونا بهذا المال على حربه ، فلعلنا ندرك منه ثأرنا بمن أصاب منّا. فوافقوهم واجتمعوا لحرب رسول الله صلىاللهعليهوآله وخرجوا ومعهم النساء لكي لا يفرّوا وتهيأ المسلمون بقيادة رسول الله صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) الرحلة المدرسية : ١٩٨.