بالسلم. فصدّه أهل مكّة واستعدّوا لحربه وطلبوا رجوعه ، فسمح لهم بما طلبوا وتساهل معهم بالصلح حسبما يقتضيه حب السلم ، ونحر في مكانه هدية للكعبة ورجع (١). مع أنه صلىاللهعليهوآله كان قادراً على دخول مكّة بالقوّة ، ولكنّه آثر السلم ورجع إلى المدينة.
إن بني النضير الذين نزلوا بعد جلائهم في خيبر وخضع لهم أهلها ، لم يزالوا يسعون في حرب رسول الله صلىاللهعليهوآله وقطع أثره ، وهم الذين سعوا في حرب الأحزاب ، ولم يزالوا على إثارة الفتن ، فغزاهم في أواخر السنة السادسة ، ففتح حصوناً لبني النضير. منها : حصن ناعم ، ومنها القموص حصن بني أبي الحقيق ، ومنها حصن الصعب بن معاذ ، وباقي حصون خيبر إلاّ حصنين « الوطيح والسلالم » فان أهلها طلبوا من الرسول صلىاللهعليهوآله أن يسيّرهم ويحقن دماءهم ، فسمح لهم بذلك. (٢)
وقد كان في صلح الحديبية ان خزاعة دخلت في حلف الرسول صلىاللهعليهوآله ، وبنو بكر دخلت في حلف قريش ، فعدا بنو بكر وقريش على خزاعة بالحرب العدوانية ، فجاء مستصرخ خزاعة إلى النبي صلىاللهعليهوآله فتوجّه في سنة ثمان بجيشه إلى مكّة في عشرة آلاف بعدة كاملة. ولما خافت منه قريش وأحلافها وضعفوا عن مقاومته لم تحمله سوء أفعالهم معه على الانتقام منهم ، بل دخل مكّة بأرأف
__________________
(١) الرحلة المدرسية : ٢٠٠ ، وانظر : مجمع البيان في تفسير القرآن / الطبرسي ٥ : ١١٧ ـ ١١٨ ، مطبعة صيدا سوريا ١٣٥٦ ه.
(٢) الرحلة المدرسية : ٢٠٠ ، وانظر : بحار الأنوار ٢١ : ٣.