واستعدّ الروم وأتباعهم لعداء النبي صلىاللهعليهوآله وحربه ، فاستعد للدفاع وعدم الخضوع لجرأتهم التي تهدّد دعوة التوحيد والإصلاح (١).
وأما سرايا الرسول صلىاللهعليهوآله فكلّها كانت دفاعية ، يردّ بها كيد الغادرين ، ويدافع بها من يستعدّ لحربه. ويسعى في الفساد والبغي ، ولم تكن فيها مهاجمة ابتدائية على هادئ مسالم كما يشهد بذلك معلوم التاريخ. (٢)
وقد كانت حروبه الدفاعية محدودةً بالحدود الصالحة فيما قبلها وما بعدها. كانت محدودةً فيما قبلها بالدعوة إلى التوحيد الحقيقي ومدنية العدل والكفّ عن عوائد الظلم والوحشية ، ثمّ بالدعوة إلى الصلح وحفظ السلام والمعاهدة والهدنة. ومحدودةً في آخرها بقبول العدو لدعوة التوحيد والعدل ، أو طلبه للصلح أو الهدنة ، وقد كان الرسول صلىاللهعليهوآله في جميع ذلك يشدّد النهي عن قتل النساء والأطفال والمشايخ العاجزين والرهبان المعتزلين. وكان يجمع بين الرحمة وحقوق أصحابه المجاهدين ، فيسمح برحمته بكلّ ما يسمح به أصحابه من السبي والغنائم ، ويرعى للاَسير الشريف حرمة شرفه ، ويطيّب قلوب الأسرى بلسانه وقرآنه ، ويوصي أصحابه بهم ويرغّبهم في عتقهم حتى ان العتق في شريعته من العبادات الواجبة في بعض المواضيع.
هذا ملخّص سيرة الرسول صلىاللهعليهوآله في دعوة الإسلام ، وقد عرفت من تاريخ العرب انهم اُمة حرب وتحزّب وشدّة طغيان وتعصّب ، وقد كانوا في عصر
__________________
(١) الرحلة المدرسية : ٢٠١.
(٢) الرحلة المدرسية : ٢٠١.