وسلّم ـ بل هو في حياته وبعد مماته ولي كلّ مؤمنٍ ، وكلّ مؤمنٍ وليّه في المحيا والممات. فالولاية التي هي ضدّ العداوة لا تختص بزمانٍ. وأمّا الولاية التي هي الأمارة فيقال فيها : والي كلّ مؤمنٍ بعدي ، كما يقال في صلاة الجنازة إذا اجتمع الولي والوالي قدّم الوالي في قول الأكثر ، وقيل يقدّم الولي.
فقول القائل : علي ولي كلّ مؤمنٍ بعدي ، كلام يمتنع نسبته إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فإنّه إنْ أراد الموالاة لم يحتج أنْ يقول بعدي ، وإنْ أراد الإمارة كان ينبغي أن يقال : وال على كلّ مؤمن » (١).
أقول :
فثبت بالقطع واليقين أنّ « الولي » في هذا الحديث مع اشتماله على لفظ « بعدي » ليس بمعنى الولاية التي هي ضدّ العداوة ، بل لابدَّ من حمله على معنىً يختص بزمان بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وهو ليس إلاّ الإمارة والخلافة ... فالحديث دال على المطلوب.
بقي قوله : أنّه إن أراد الأمارة كان ينبغي أن يقال : « وال على كلّ مؤمن ».
ولا يخفى وهنه ، ولعلّه لالتفاته إلى ذلك قال : « كان ينبغي » ، لأنّه كما يكون لفظ « الوالي » بمعنى « الأمير » كذلك لفظ « الولي » يكون بمعنى « الأِّير » و« ولي الأمر » ويكون لفظ « بعدي » معيّناً للمراد ... وللمتكلّم أن يختار لإفادة كلامه أيّ لفظٍ يكون دالاً على مرامه ، فلا انحصار لإفادة « الإمارة » بلفظ « الوالي ».
__________________
(١) منهاج السنة ٧ / ٣٩١. الطبعة الجديدة.