للحضرة السلطانيّة ... وسمّيته بـ ( روضة الصفا في سيرة الأنبياء والملوك والخلفا ) ... إلى أن قال :
إنّه لا يخفى على ذي الخبرة والذكاء أنّ لعلم التاريخ فوائد كثيرة ، لابدّ من الإشارة إلى بعضها بحكم : ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه ، كي يزداد أصحاب الفهم والدراية رغبةً في مطالعة هذا الفن الشريف.
فإنّه العلم الوحيد الذي يفيد الإطّلاع على ما لا يمكن للإنسان الاطّلاع عليه بالمشاهدة والحسّ والعيان ، وليس غيره من العلوم متكفّلاً لهذا الأمر.
وإنّه العلم الذي يزيل الملل والكآبة والسأم عن قلب الإنسان.
وإنّه مع كثرة فوائده سهل التناول ، ولا مشقة زائدة في استحصاله.
وإنّه علم يقف الممارس له على الصّدق والحق فيأخذ به ، والكذب والباطل فيتركه.
وإنّه علم يزيد الإنسان عقلاً وتجربة وعبرةً وعظمةً في الحياة ، فإنّ السعيد من وعظ بغيره.
وإنّه العلم الذي يورث الصّبر والرّضا والإستقامة في مقابل الحوادث الواقعة ، ويوجب الأمل بالنجاح والظّفر في الشدائد والمشاق والبلايا.
وإنّه العلم الذي يزيد المؤمن إيماناً بالقدرة الإلهية القاهرة وأنّه سبحانه مالك الملوك ... ويصدق قوله سبحانه : ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ).
فإنْ اعترض الجاهِل بأنّ أكثر التواريخ مفتريات وموضوعات وأساطير وقد اختلط فيها الكذب بالصدق والغث بالسّمين ، فلا تؤثر ولا تفيد تلك الفوائد.