ولايته عقيب ولاية النبيّ بلا فاصل ، ويكون الحديث ـ بهذا اللفظ ـ مبيّناً له بالألفاظ الاخرى ، وتحمل تلك على هذا المعنى ، لوجوب التوفيق بين الأحاديث كما هو القاعدة المقرّرة.
أما إفادة الفاء للتعقيب بلا فصل ، فيكفي أنْ نورد كلام نجم الأئمّة الرضيّ الإسترآبادي (١) ، إذْ يقول : في مبحث المركّبات :
« وقد استعمل جوازاً كخمسة عشر مبنيّة الجزئين : ظروفٌ ، كيوم يوم ، وصباح مساء ، وحين حين. وأحوالٌ نحو : لقيته كفّة كفّة ، وهو جاري بيت بيت ، وأخبرته ـ أو لقيته ـ صحرة بحرة. ويجوز إضافة المصدر من هذه الظروف والأحوال إلى العجز ، وإنّما لم يتعيّن بناء الجزئين فيهما ـ كما تعيّن في نحو خمسة عشر ـ لظهور تضمّن الحرف وتعيّنه في نحو خمسة عشر ، دون هذه المركّبات ، إذ يحتمل أنْ يكون كلّها بتقدير الحرف وأنْ لا يكون. فإذا قدّرناها قلنا : إن معنى : لقيته يوم يوم ، وصباح مساء ، وحين حين : أي يوماً فيوماً ، وصباحاً فمساءً ، وحيناً فحيناً. أي : كلّ يوم ، وكلّ صباح ومساء ، وكلّ حين.
والفاء تؤدي معنى هذا العموم ، كما في قولك : انتظرته ساعةً فساعة ، أي : في كلّ ساعة. إذ فائدة الفاء التعقيب ، فيكون المعنى : يوماً فيوماً ، عقيبه بلا فصل إلى ما لا يتناهى ، فاقتصر على أوّل المكرر أي التثنية ، كما في قوله تعالى : ( فارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ) ولبّيك ، ونحوه. وكذا صباح مساء ، وحين حين.
__________________
(١) محمّد بن الحسن ، نزيل النجف الأشرف ، نحوي ، متكلّم ، أديب ، له : شرح الشافية ، شرح الكافية ، حواشي على بعض الكتب الكلامية والمنطقيّة ، توفي سنة ٦٨٦ أو ٦٨٤. ترجم له في : بغية الوعاة : ٢٤٨ ، شذرات الذهب ٥ / ٣٩٥.