الرابع : مراتب استعداد النفس لتحصيل النظريّات وقربها وبعدها عن ذلك ، و أثبتوا لها مراتب أربعة : سمّوها بالعقل الهيولانى ، والعقل بالملكة ، والعقل بالفعل ، و العقل المستفاد ، وقد تطلق هذه الأسامي على النفس في تلك المراتب ، وتفصيلها مذكور في محالّها ، ويرجع إلى ما ذكرنا أوّلاً فإنّ الظاهر أنّها قوّة واحدة تختلف أسماؤها بحسب متعلّقاتها وما تستعمل فيه .
الخامس : النفس الناطقة الإنسانيّة الّتي بها يتميّز عن سائر البهائم .
السادس : ما ذهب إليه الفلاسفة ، وأثبتوه بزعمهم : من جوهر مجرّد قديم لا تعلّق له بالمادّة ذاتاً ولا فعلاً ، والقول به كما ذكروه مستلزم لإنكار كثير من ضروريّات الدين من حدوث العالم وغيره ممّا لايسع المقام ذكره ، وبعض المنتحلين منهم للإسلام أثبتوا عقولاً حادثةً ، وهي أيضاً على ما أثبتوها مستلزمة لانكار كثير من الاُصول المقرّرة الإسلاميّة ، مع أنّه لا يظهر من الأخبار وجود مجرّد سوى الله تعالى .
وقال بعض محقّقيهم : إنّ نسبة العقل العاشر الّذي يسمّونه بالعقل الفعّال إلى النفس كنسبة النفس إلى البدن فكما أنّ النفس صورة للبدن ، والبدن مادّتها ، فكذلك العقل صورة للنفس ، والنفس مادّته ، وهو مشرق عليها ، وعلومها مقتبسة منه ، ويكمل هذا الارتباط إلى حدّ تطالع العلوم فيه ، وتتّصل به ، وليس لهم على هذه الاُمور دليل إلّا مموّهات شبهات ، أو خيالات غريبة زيّنوها بلطائف عبارات .
فإذا عرفت ما مهّدنا فاعلم أنّ الأخبار الواردة في هذه الأبواب أكثرها ظاهرة في المعنيين الأوّلين ، الّذين مآلهما إلى واحد ، وفي الثاني منهما أكثر وأظهر . وبعض الأخبار يحتمل بعض المعاني الاُخرى ، وفي بعض الأخبار يطلق العقل على نفس العلم النافع المورث للنجاة المستلزم لحصول السعادات .
فأمّا أخبار استنطاق
العقل وإقباله وإدباره فيمكن حملها على أحد المعاني الأربعة المذكورة أوّلاً ، أو ما يشملها جميعاً ، وحينئذ يحتمل أن يكون الخلق بمعنى
التقدير ، كما ورد في اللّغة ، أو يكون المراد بالخلق الخلق في النفس واتّصاف النفس بها ، و يكون سائر ما ذكر فيها من الاستنطاق والإقبال والإدبار وغيرها استعارةً تمثيليّةً
، لبيان