ذلك فضولاً (١) ، فعلى قياس ما قالوا يمكن أن يكون المراد بالعقل نور النبيّ صلىاللهعليهوآله الّذي انشعبت منه أنوار الأئمّة عليهمالسلام واستنطاقه على الحقيقة أو بجعله محلّاً للمعارف الغير المتناهية ، والمراد بالأمر بالإقبال ترقّيه على مراتب الكمال ، وجذبه إلى أعلى مقام القرب والوصال ، وبإدباره إمّا إنزاله إلى البدن ، أو الأمر بتكميل الخلق بعد غاية الكمال فإنّه يلزمه التنزّل عن غاية مراتب القرب بسبب معاشرة الخلق ، ويؤمى إليه قوله تعالى قد أنزل الله إليكم ذكراً رسولاً (٢) وقد بسطنا الكلام في ذلك في الفوائد الطريفة . ويحتمل أن يكون المراد بالإقبال الإقبال إلى الخلق ، وبالإدبار الرجوع إلى عالم القدس بعد إتمام التبليغ ، ويؤيّده ما في بعض الأخبار من تقديم الإدبار على الإقبال . وعلى التقادير فالمراد بقوله تعالى : ولا اُكمّلك ، يمكن أن يكون المراد ولا اُكمّل محبّتك والارتباط بك ، وكونك واسطةً بينه وبيني إلّا فيمن اُحبّه ، أو يكون الخطاب مع روحهم و نورهم عليهمالسلام والمراد بالإكمال إكماله في أبدانهم الشريفة أي هذا النور بعد تشعّبه بأيّ بدن تعلّق وكمل فيه يكون ذلك الشخص أحبّ الخلق إلى الله تعالى وقوله : إيّاك
________________________
(١) بل لانهم تحققوا أوّلا أن الظواهر الدينية تتوقف في حجيتها على البرهان الذي يقيمه العقل ، والعقل في ركونه واطمينانه إلى المقدمات البرهانية لا يفرق بين مقدمة ومقدمة ، فاذا قام برهان على شيء اضطر العقل إلى قبوله ، وثانيا أن الظواهر الدينية متوقفة على ظهور اللفظ ، و هو دليل ظنّيّ ، والظنّ لا يقاوم العلم الحاصل بالبرهان لو قام على شيء . وأمّا الاخذ بالبراهين في اصول الدين ثم عزل العقل في ما ورد فيه آحاد الاخبار من المعارف العقلية فليس الا من قبيل إبطال المقدمة بالنتيجة التي تستنتج منها ، وهو صريح التناقض ـ والله الهادي ـ فان هذه الظواهر الدينية لو أبطلت حكم العقل لابطلت أوّلا حكم نفسها المستند في حجيته الى حكم العقل .
وطريق الاحتياط الديني لمن لم يتثبت في الابحاث العميقة العقلية أن يتعلق بظاهر الكتاب و ظواهر الاخبار المستفيضة ويرجع علم حقائقها إلى الله عز اسمه ، ويجتنب الورود في الابحاث العميقة العقلية إثباتا ونفيا اما اثباتا فلكونه مظنة الضلال ، وفيه تعرض للهلاك الدائم ، وأما نفيا فلما فيه من وبال القول بغير علم والانتصار للدين بما لا يرضى به الله سبحانه ، والابتلاء بالمناقضة في النظر . واعتبر في ذلك بما ابتلى به المؤلف رحمه الله فانه لم يطعن في آراء اهل النظر في مباحث المبدأ والمعاد بشيء إلا ابتلى بالقول به بعينه أو بأشد منه كما سنشير إليه في موارده ، وأول ذلك ما في هذه المسألة فانه طعن فيها على الحكماء في قولهم بالمجردات ثم أثبت جميع خواص التجرد على أنوار النبي والائمة عليهم السلام ، ولم يتنبه أنه لو استحال وجود موجود مجرد غير الله سبحانه لم يتغير حكم استحالته بتغيير اسمه ، وتسمية ما يسمونه عقلا بالنور والطينة ونحوهما . ط
(٢) الطلاق : ١١ .