البهائيّ رحمه الله : بضمّ الحرف المضارعة من أكسب والمراد أنّه يكسب الإنسان طاعة الله ، أو يكسبه طاعة العباد له .
أقول : لا حاجة إلى نقله إلى باب الإفعال ، بل المجرّد أيضاً ورد بهذا المعنى ، بل هو أفصح . قال الجوهريّ : الكسب : الجمع ، وكسبت أهلي خيراً وكسبت الرجل مالاً فكسبه ، وهذا ممّا جاء فعلته ففعل انتهى . والضمير في « يكسبه » راجع إلى صاحب العلم .
وفي نهج البلاغة : يكسب الإنسان الطاعة . وجميل الاُحدوثة أي الكلام الجميل والثناء ، والاُحدوثة مفرد الأحاديث . وفي ف بعد ذلك : ومنفعة المال تزول بزواله وهو ظاهر . مات خزّان الأموال وهم أحياء أي هم في حال حياتهم في حكم الأموات ، لعدم ترتّب فائدة الحياة على حياتهم من فهم الحقّ وسماعه وقبوله والعمل به ، واستعمال الجوارح فيما خلقت لأجله ، كما قال تعالى : أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ (١) . والعلماء بعد موتهم أيضاً باقون بذكرهم الجميل ، وبما حصل لهم من السعادات واللذّات في عالم البرزخ ، والنشأة الآخرة ، وبما يترتّب على آثارهم و علومهم ، وينتفع الناس من بركاتهم الباقية مدى الأعصار ، وعلى نسخة أمالي الشيخ المراد أنّهم ماتوا ومات ذكرهم وآثارهم معهم ، والعلماء بعد موتهم باقون بآثارهم وعلومهم وأنوارهم . قوله عليهالسلام : وأمثالهم في القلوب موجودة قال الشيخ البهائيّ : الأمثال جمع مثل بالتحريك فهو في الأصل بمعنى النظير استعمل في القول السائر الممثّل مضربه بمورده ثمّ في الكلام الّذي له شأن وغرابة ، وهذا هو المراد ههنا أي أنَّ حكمهم ومواعظهم محفوظةً عند أهلها يعملون بها . انتهى . ويحتمل أن يكون المراد بأمثالهم أشباحهم وصورهم ، فإنَّ المحبّين لهم المهتدين بهم المقتدين لآثارهم يذكرونهم دائماً ، وصورهم متمثّلةٌ في قلوبهم على أن يكون جمع مثل بالتحريك أو جمع مثل بالكسر فإنّه أيضاً يجمع على أمثال . إنّ ههنا لعلماً ، وفي نهج البلاغة : لعلماً جمّاً أي كثيراً . لو أصبت له حملة بالفتحات جمع حامل أي من يكون أهلاً له ، وجواب لو محذوف أي
________________________
(٣) النحل : ٢١ .