لئلّا تطول الأبواب ويكثر حجم الكتاب ، فيعسر تحصيله على الطلّاب . وفي بالي ـ إن أمهلني الأجل وساعدني فضله عزّ وجلّ ـ أن أكتب عليه شرحاً كاملاً يحتوي على كثير من المقاصد الّتي لم توجد في مصنّفات الأصحاب ، واُشبع فيها الكلام لاُولي الألباب .
ومن الفوائد الطريفة لكتابنا اشتماله على كتب وأبواب كثيرة الفوائد ، جمّة العوائد ، أهملها مؤلّفوا أصحابنا رضوان الله عليهم ، فلم يفردوا لها كتاباً ولا باباً : ككتاب العدل والمعاد ، وضبط تواريخ الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام ، وكتاب السماء والعالم المشتمل على أحوال العناصر والمواليد وغيرها ممّا لا يخفى على الناظر فيه .
فيا معشر إخوان الدين المدّعين لولاء أئمّة المؤمنين ، أقبلوا نحو مأدبتي (١) هذه مسرعين ، وخذوها بأيدي الإذعان واليقين ، فتمسّكوا بها واثقين ، إن كنتم فيما تدّعون صادقين . ولا تكونوا من الّذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ، ويترشّح من فحاوي كلامهم مطاوي جنوبهم ، ولا من الّذين اُشربوا في قلوبهم حبّ البدع و الأهواء بجهلهم وضلالهم ، وزيّفوا (٢) ما روّجته الملل الحقّة بما زخرفته منكروا الشرايع بمموّهات (٣) أقوالهم .
فيا بشرى لكم ثمّ بشرى لكم إخواني ! بكتاب جامعة المقاصد ، طريفة الفرائد ، لم تأت الدّهور بمثله حسناً وبهاءاً ! وانجم طالع من أفق الغيوب لم ير الناظرون ما يدانيه نوراً وضياءاً ! وصديق شفيق لم يعهد في الأزمان السالفة شبهه صدقاً ووفاءاً ! كفاك عماك يا منكر علوّ أفنانه (٤) ! ، وسموّ أغصانه حسداً وعناداً وعمهاً (٥) وحسبك ريبك ، يا من لم يعترف برفعة شأنه ! وحلاوة بيانه جهلاً وضلالاً وبلهاً ، ولاشتماله على أنواع العلوم والحكم والأسرار وإغنائه عن جميع كتب الأخبار سميّته بكتاب :
________________________
(١) الادبة والمادبة : طعام يصنع لدعوة أو عرس .
(٢) زافت الدراهم : صارت مردودة . وزيف الدراهم : زافها
(٣) قول مموه : مزخرف او ممزوج من الحق والباطل .
(٤) وفي نسخة : فضل احسانه .
(٥) العمه : التحير والتردد .