عدم اختياره في ذلك ، أو يكون بغضه تعالى لما يختاره بسوء اختياره من قبائح أعماله مع كونه مختاراً في تركه ، والله يعلم (١) .
١٧ ـ ع : ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : دعامة الإنسان العقل ، ومن العقل الفطنة ، والفهم ، والحفظ والعلم ، فإذا كان تأييد عقله من النور كان عالماً حافظاً زكيّاً فطناً فهماً ، وبالعقل يكمل ، وهو دليله ومبصّره ومفتاح أمره .
بيان : الدعامة بالكسر : عماد البيت . والفطنة : سرعة إدراك الاُمور على الاستقامة . والنور لمّا كان سبباً لظهور المحسوسات يطلق على كلّ ما يصير سبباً لظهور الأشياء على الحسّ أو العقل ، فيطلق على العلم وعلى أرواح الأئمّة عليهمالسلام وعلى رحمة الله سبحانه وعلى ما يلقيه في قلوب العارفين من صفاء وجلاء به يظهر عليهم حقائق الحكم ودقائق الاُمور ، وعلى الربّ تبارك وتعالى لأنّه نور الأنوار ومنه يظهر جميع الاشياء في الوجود العينيّ والانكشاف العلميّ ، وهنا يحتمل الجميع . وقوله : زكيّاً ، فيما رأينا من النسخ بالزاء فهو بمعنى الطهارة عن الجهل والرذائل ، وفي الكافي مكانه : ذاكراً .
١٨ ـ ب : هارون ، عن ابن صدقة ، عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام قال : إنّ الله تبارك وتعالى يبغض الشيخ الجاهل ، والغنيّ الظلوم ، والفقير المختال .
بيان : تخصيص الجاهل بالشيخ لكون الجهل منه أقبح لمضيّ زمان طويل يمكنه فيه تحصيل العلم ، وتخصيص الظلوم بالغنيّ لكون الظلم منه أفحش لعدم الحاجة ، وتخصيص المختال أي المتكبّر بالفقير لأنّه منه أشنع إذ الغنيّ إذا تكبّر فله عذر في ذلك لما يلزم الغن من الفخر والعجب والطغيان .
________________________
(١) مراده رحمه الله رفع المنافاة التي تترائى بين البغض وبين كون حماقة الاحمق غير مستندة الى اختياره ولا يخفى ان المنافاة لا ترتفع بما ذكره رحمه الله من الوجهين فان العلم بدنائة الرتبة لا تسمى بغضاً ، وكذا عدم توفيقه لعدم قابليته ، وما يختاره من القبيح لحماقته ينتهيان بالاخرة الى مالا بالاختيار فالاشكال بحاله . والحق ان بغضه كما يظهر من تعليله عليه السلام بمعنى منعه مما من شان الانسان ان يتلبس به وهو العقل الذي هو احب الاشياء الى الله لنقص في خلقته فهو بغض تكويني بمعنى التبعيد من مزايا الخلقة لا بغض تشريعي بمعنى تبعيده من المغفرة والجنة والذي ينافى عدم الاختيار هو البغض بالمعنى الثاني لا الاول . ط .