يستكمل العقل ، ويكون عقله أفضل من عقول جميع أمّته ، وما يضمر النبيّ في نفسه أفضل من اجتهاد المجتهدين ، وما أدّى العاقل فرائض الله حتّى عقل منه ، ولا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل ، إنّ العقلاء هم اُولوا الألباب الّذين قال الله عزّ وجلّ : إنّما يتذكّر اُولوا الألباب .
ايضاح : من شخوص الجاهل أي خروجه من بلده ومسافرته إلى البلاد طلباً لمرضاته تعالى كالجهاد ، والحجّ ، وغيرهما . وما يضمر النبيّ في نفسه أي من النيّات الصحيحة ، والتفكّرات الكاملة ، والعقائد اليقينيّة ، وما أدّي العاقل فرائض الله حتّى عقل منه أي لا يعمل فريضةً حتّى يعقل من الله ويعلم أنّ الله أراد تلك منه ، ويعلم آداب إيقاعها ، ويحتمل أن يكون المراد أعمّ من ذلك ، أي يعقل ويعرف ما يلزمه معرفته ، فمن ابتدائيّة على التقديرين ، ويحتمل على بعد أن يكون تبعيضيّةً : أي عقل من صفاته وعظمته و جلاله ما يليق بفهمه ، ويناسب قابليّته واستعداده . وفي أكثر النسخ وما أدّى العقل و يرجع إلى ما ذكرنا ، إذ العاقل يؤدّي بالعقل . وفي الكافي وما أدّى العبد فرائض الله حتّى عقل عنه . أي لا يمكن للعبد أداء الفرائض كما ينبغي إلّا بأن يعقل ويعلم من جهة مأخوذة عن الله بالوحي ، أو بأن يلهمه الله معرفته ، أو بأن يعطيه الله عقلاً موهبيّاً ، به يسلك سبيل النجاة .
١٣ ـ سن : بعض أصحابنا رفعه ، قال : ما يعباُ من أهل هذا الدين بمن لا عقل له . قال : قلت جعلت فداك إنّا نأتي قوماً لا بأس بهم عندنا ممّن يصف هذا الأمر ليست لهم تلك العقول ، فقال : ليس هؤلاء ممّن خاطب الله في قوله : يا اُولى الألباب . إنّ الله خلق العقل ، فقال له : أقبل فأقبل : ثمّ قال له : أدبر فأدبر ، فقال . وعزّتي وجلالي ما خلقت شيئاً أحسن منك ، وأحبّ إليّ منك ، بك آخذ وبك اُعطي .
بيان : ما يعباُ أي لا يبالى ولا يعتنى بشأن من لا عقل له من أهل هذا الدين ، فقال السائل : عندنا قوم داخلون في هذا الدين ، غير كاملين في العقل فكيف حالهم ؟ فأجاب عليهالسلام بأنّهم وإن حرموا عن فضائل أهل العقل لكن تكاليفهم أيضاً أسهل وأخفّ ، وأكثر المخاطبات في التكاليف الشاقّة لاُولي الألباب .