مصنوع بحيلة قصيرة لمصلحة قطعة من الأرض : إنّه كان بلا صانع ومقدّر ، ويقدر أن يقول في هذا الدولاب الأعظم المخلوق بحكمة يقصر عنها أذهان البشر لصلاح جميع الأرض وما عليها : إنّه شيء اتّفق أن يكون بلا صنعة ولا تدبير ؛ لو اعتلّ هذا الفلك كما تعتلُّ الآلات الّتي تتّخذ للصناعات وغيرها أيُّ شيء كان عند الناس من الحيلة في إصلاحه ؟ .
بيان : قوله عليهالسلام : لا تفارق مراكزها لعلّ المراد أنّه ليس لها حركة بيّنة ظاهرة كما في السيّارات ، أو لا تختلف نسب بعضها إلى بعض بالقرب والبعد بأن تكون الجملة التالية مفسّرة لها ، ويحتمل أن يكون المراد بمراكزها البروج الّتي تنسب إليها على ما هو المصطلح بين العرب من اعتبار محاذات تلك الأشكال في الانتقال إلى البروج وإن انتقلت عن مواضعها ، وعليه ينبغي أن يحمل قوله عليهالسلام : وبعضها مطلقة تنتقل في البروج ؛ أو على ما ذكرنا سابقاً من كون انتقالها في البروج ظاهرة بيّنة يعرفه كلّ أحد ، والأوّل أظهر كما سيظهر من كلامه عليهالسلام قوله : فإنّ الإهمال معنى واحد يحتمل أن يكون المراد أنّ الطبيعة أو الدهر الّذين يجعلونهما أصحاب الإهمال مؤثّرين كلُّ منهما أمر واحد غير ذي شعور وإرادة ، ولا يمكن صدور الأمرين المختلفين عن مثل ذلك كما مرَّ ؛ أو المراد أنّ العقل يحكم بأنّ مثل هذين الأمرين بالمتّسقين الجاريين على قانون الحكمة لا يكون إلّا من حكيم راعى فيهما دقائق الحكم ؛ أو المراد أنّ الإهمال أي عدم الحاجة إلى العلّة وترجيح الأمر الممكن من غير مرجّح كما تزعمون أمر واحد حاصل فيهما ، فلمَ صارت إحديهما راتبة ؟ والاُخرى منتقلة ؟ ولمَ لم يعكس الأمر ؟ والأوّل أظهر (١) كما لا يخفى . قوله عليهالسلام : لبطلت الدلالات ظاهره كون الأوضاع النجوميّة علامات للحوادث . قوله عليهالسلام : في البروج الراتبة يدلّ ظاهراً على ما أشرنا إليه من أنّه عليهالسلام راعى في انتقال البروج محاذات نفس الأشكال ، وإن أمكن أن يكون المراد بيان حِكمة بطؤ الحركة ليصلح كون تلك الأشكال علامات للبروج ولو بقربها منها لكنّه بعيد . قوله عليهالسلام : والشِعريين قال الجوهريّ : الشِعرى : الكوكب الّذي يطلع
________________________
(١) وظاهر الخبر المعنى الاخير .