قدرته وسعة خزائنه ، ليعلموا أنّه لو شاء أن يمنحهم كالجبال من الفضّة لفعل ، لكن لاصلاح لهم في ذلك ، لأنّه لو كان فيكون فيها كما ذكرنا سقوط هذا الجوهر عند الناس وقلّة انتفاعهم به ؛ واعتبر ذلك بأنّه قد يظهر الشيء الطريف ممّا يحدثة الناس من الأواني و الأمتعة فما دام عزيزاً قليلاً فهو نفيس جليل آخذ الثمن فإذا فشا وكثر في أيدي الناس سقط عندهم وخسّت قيمته ؛ ونفاسة الأشياء من عزّتها .
بيان : الكلس بالكسر : الصاروج . والجبس بالكسر الجصّ . وفي أكثر النسخ الجبسين ولم أجده فيما عندنا من كتب اللّغة لكن في كتب الطبّ كما في أكثر النسخ . والمرتك كمقعد : المرداسنج . والقونيا بالباء الموحّدة أو الياء المثنّاة من تحت ، ولم أجدهما في كتب اللّغة ، لكن في القاموس : القونة : القطعة من الحديد أو الصفر يرقّع بها الإناء ؛ وفي بعض النسخ : والتوتيا ، وفي كتب اللّغة أنّه حجر يكتحل به . (١) والقار : القير . وجبى الخراج جباية : جمعه . والإيغال : المبالغة في الدخول والذهاب . وانصلت : مضى وسبق .
فكّر يا مفضّل : في هذا النبات وما فيه من ضروب المآرب ، فالثمار للغذاء ، و الأتبان للعلف ، والحطب للوقود ، والخشب لكلّ شيء من أنواع النجارة وغيرها ، و اللّحاء والورق والاُصول والعروق والصموغ لضروب من المنافع . أرأيت لو كنّا نجد الثمار الّتي نغتذي بها مجموعة على وجه الأرض ولم تكن تنبت على هذه الأغصان الحاملة لها كم كان يدخل علينا من الخلل في معاشنا وإن كان الغذاء موجوداً فإنّ المنافع بالخشب والحطب والأتبان وسائر ما عدّدناه كثيرة ، عظيم قدرها ، جليل موقعها ؛ هذا مع ما في النبات من التلذّذ بحسن منظره ونضارته الّتي لا يعدلها شيء من مناظر العالم وملاهيه .
بيان : لحاء الشجرة بالكسر : قشرها .
فكّر يا مفضّل : في هذا الريع الّذي جعل في الزرع فصارت الحبّة الواحدة تخلف
________________________
(١) نقل في كتب الطب عن الشيخ أنه قال : أصل التوتيا دخان يرتفع حيث يخلص النحاس من الحجارة التي تخالطه والانك الذي يخالطه ، وربما صعد الاقليميا فكان مصعده توتيا جيداً ورسوبه قليميا .