من لا يخلو منه مكان ولا يكون إلى مكان أقرب من مكان ؛ فقال اليهوديّ : أشهد أنَّ هذا هو الحقُّ المبين ، وأنّك أحقّ بمقام نبيّك ممّن استولى عليه .
بيان : عزب عنه يعزِب ويعزُب أي بعد وغاب ، وفسّر عليهالسلام قوله : وهو في كلّ مكان بما ذكره بعده ليظهر أنَّ المراد به الإحاطة بالعلم والتدبير .
٣ ـ شا ، ج : روى الشعبيّ أنّه سمع أمير المؤمنين عليهالسلام رجلاً يقول : والّذي احتجب بسبع طباق ؛ فعلاه بالدرّة ، (١) ثمَّ قال له : يا ويلك إنّ الله أجلّ من أن يحتجب عن شيء ، أو يحتجب عنه شيء سبحان الّذي لا يحويه مكان ، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ؛ فقال الرجل : أفاُكفّر عن يميني يا أمير المؤمنين ؟ قال : لا لم تحلف بالله فيلزمك الكفّارة (٢) وإنّما حلفت بغيره .
٤ ـ ج : في جواب اسؤلة الزنديق المنكر للقرآن عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : معنى قوله : « هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ » فإنّما خاطب نبيّنا صلىاللهعليهوآله هل ينتظر المنافقون والمشركون إلّا أن تأتيهم الملائكة فيعاينوهم ، أو يأتي ربّك ، أو يأتي بعض آيات ربّك ؟ يعني بذلك أمر ربّك ، والآية هي العذاب في دار الدنيا كما عذّب الاُمم السالفة ، والقرون الخالية ، وقال : « أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا » يعنى بذلك ما يهلك من القرون فسمّاه إتياناً ، و قوله : « الرَّحْمَـٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ » يعني استوى تدبيره وعلا أمره ، وقوله : « وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَـٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَـٰهٌ » وقوله : « وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ » وقوله : « مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ » فإنّما أراد بذلك استيلاء اُمنائه بالقدرة الّتي ركّبها فيهم على جميع خلقه ، وأنَّ فعلهم فعله . الخبر .
يد : في هذا الخبر : وقال في آية اُخرى : « فَأَتَاهُمُ اللَّـهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا » يعني أرسل عليهم عذاباً ، وكذلك إتيانه بنيانهم ؛ وقال الله عزَّ وجلَّ : « فَأَتَى اللَّـهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ » فإتيانه بنيانهم من القواعد إرسال العذاب .
________________________
(١) الدرة بكسر الدال وتشديد الراء : السوط .
(٢) في شا : فيلزمك الكفارة كفارة الحنت .