أبو عبد الله عليهالسلام : يا ديصانيُّ هذا حصنٌ مكنونٌ له جلد غليظ ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق ، وتحت الجلد الرقيق ذهبةٌ مائعةٌ وفضّةٌ ذائبةٌ ، فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضّة الذائبة ، ولا الفضَّة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة ، فهي على حالها لم يخرج (١) منها خارج مصلح فيخبر عن إصلاحها ، ولم يدخل (٢) فيها داخل مفسد فيخبر عن إفسادها لا يدرى للذكر خلقت أم للاُنثى ، تنفق عن مثل ألوان الطواويس ، أترى لها مدبّراً ؟ قال : فأطرق مليّاً ثم قال : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله ، وأنّك إمامٌ وحجّةٌ من الله على خلقه ، وأنا تائب ممّا كنتُ فيه .
٦ ـ يد : ابن المتوكّل : عن عليِّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن أبي إسحاق الخفّاف ، عن عدَّة من أصحابنا أنَّ عبد الله الديصانيّ أتى باب أبي عبد الله عليهالسلام فاستأذن عليه فأذن له ، فلمّا قعد قال له : يا جعفر بن محمّد دلّني على معبودي ، فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : ما اسمك ؟ فخرج عنه ولم يخبره باسمه ، فقال له أصحابه : كيف لم تخبره باسمك ؟ قال : لو كنت قلت له : عبد الله كان يقول : من هذا الّذي أنت له عبد ؟ فقالوا له : عد إليه فقل : يدلّك على معبودك ولا يسألك عن اسمك ، فرجع إليه فقال له : يا جعفر دلّني على معبودي ولا تسألني عن اسمي ، فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : اجلس وإذا غلام صغير إلى آخر الخبر .
بيان : قد أوردنا الخبر بتمامه في باب القدرة . وتقرير استدلاله عليهالسلام أنَّ ما في البيضة من الإحكام والإتقان والاشتمال على ما به صلاحها وعدم اختلاط ما فيها من الجسمين السيّالين ـ والحال أنّه ليس فيها حافظ لها من الأجسام فيخرج مخبراً عن صلاحها ، ولا يدخلها جسمانيٌّ من خارج فيفسدها ، وهي تنفلق عن مثل ألوان الطواويس ـ يدلُّ على أنَّ له مبدءٌ غير جسم ولا جسمانيّ ، ولا يخفى لطف نسبة الإصلاح إلى ما يخرج منها ، والإفساد إلى ما يدخل فيها ، لأنَّ هذا شأن أهل الحصن الحافظين له وحال الداخل فيه بالقهر والغلبة .
________________________
(١) في الاحتجاج المطبوع : لا يخرج .
(٢) في الاحتجاج المطبوع : ولا تدخل .