إنزال الأمر منه إلى سماء الدنيا لأنّ العرش هو المكان الّذي ينتهى إليه بأعمال العباد من السدرة المنتهى إليه ، وقد يجعل الله عزَّ وجلَّ السماء الدنيا في الثلث الأخير من اللّيل وفي ليالي الجمعة مسافة الأعمال في ارتفاعها أقرب منها في سائر الأوقات إلى العرش . وقوله : يري أولياءه نفسه فإنّه يعني بإظهار بدائع فطرته ، فقد جرت العادة بأن يقال للسلطان إذا أظهر قوّة وقدرة وخيلاً ورجلاً : قد أظهر نفسه ، وعلى ذلك دلّ الكلام ومجاز اللّفظ .
أقول : من قوله قال السائل إلى آخر كلامه لم يكن في أكثر النسخ وليس في الاحتجاج أيضاً .
٣٦ ـ يد : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، وابن هاشم ، عن الحسن بن عليّ ، عن داود بن عليّ اليعقوبيّ ، (١) عن بعض أصحابنا ، عن عبد الأعلى ـ مولى آل سام ـ عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله يهوديٌّ يقال له : سبحت (٢) فقال له : يا محمّد جئت أسألك عن ربّك فإن أجبتني عمّا أسألك عنه وإلّا رجعت . فقال له : سل عمّا شئت . فقال : أين ربّك ؟ فقال : هو في كلّ مكان ، (٣) وليس هو في شيء من المكان بمحدود . قال : فكيف هو ؟ فقال : وكيف أصف ربّي بالكيف والكيف مخلوق ؟ والله لا يوصف بخلقه .
قال : فمن يعلم أنّك نبيّ ؟ قال : فما بقي حوله حجر ولا مدر ولا غير ذلك إلّا تكلّم بلسان عربيّ مبين : يا شيخ إنّه رسول الله . (٤)
________________________
(١) بالياء المثناة كما هو المحكي عن الايضاح أو بالباء الموحدة نسبة إلى بعقوبا قرية من قرى البغداد على ما حكى عن الشهيد الثاني رحمه الله ، وهو داود بن علي الهاشمي المترجم في ص ١١٥ من رجال النجاشي بقوله : داود بن علي اليعقوبي الهاشمي أبو علي بن داود ، روى عن أبي الحسن موسى عليه السلام ، وقيل : روى عن الرضا عليه السلام ، له كتاب يرويه جماعة ، منهم عيسى بن عبد الله العمري .
(٢) اختلفت النسخ في ضبطه ففي بعضها « سبحت » با الباء الموحدة ثم الحاء المهملة ، وفي بعض آخر بالباء والخاء المعجمة ، وفي البحار المطبوع شجت « شبخت خ ل » وضبط بضم السين والباء و سكون الحاء المهملة ، وبضم السين وسكون الباء وفتح الحاء ، وبضم السين وسكون الباء وضم الخاء المعجمة ، وعلى أي حال كان رجلا من ملوك فارس ، وكان ذربا ، كما يأتي في حديث آخر .
(٣) في حديث آخر له : فقال : هو في كل مكان موجود بآياته .
(٤) وفي نسخة : يا سبحت إنه رسول الله .