هم المسؤلون ، ثمّ قيل لبني آدم : أقرُّوا لله بالربوبيّة ، ولهؤلاء النفر بالطاعة . فقالوا : ربّنا أقررنا . فقال للملائكة اشهدوا . فقالت الملائكة : شهدنا على أن لا يقولوا إنّا كنّا عن هذا غافلين ، أو يقولوا : إنّما أشرك آباؤنا من قبل وكنّا ذرّيّة من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون . يا داود ولايتنا مؤكّدة عليهم في الميثاق .
قال الصدوق رحمه الله في التوحيد : إنّ المشبّهة تتعلّق بقوله عزّ وجلّ : « إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ » ولا حجّة لها في ذلك لأنّه عزّ وجلّ عنى بقوله : استوى على العرش أي ثمّ نقل العرش إلى فوق السماوات وهو مستولى عليه ومالك له ، فقوله عزّ وجلّ : « ثمّ » إنّما هو لدفع العرش إلى مكانه الّذي هو فيه ، ونقله للاستواء ، ولا يجوز أن يكون معنى قوله : استوى « استولى » لأنّ الاستيلاء لله تعالى (١) على الملك وعلى الأشياء ليس هو بأمر حادث ، بل كان لم يزل مالكاً لكلّ شيء ومستولياً على كلّ شيء ، وإنّما ذكر عزّ وجلّ الاستواء بعد قوله : « ثمّ » وهو يعني الرفع مجازاً ، وهو كقوله : « وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ » فذكر « نعلم » مع قوله : « حتّى » وهو عزّ وجلّ يعني : حتّى يجاهد المجاهدون ونحن نعلم ذلك ؛ لأنَّ حتّى لا يقع إلّا على فعل حادث وعلم الله عزّ وجلّ بالأشياء لا يكون حادثاً ؛ وكذلك ذكر قوله عزّ وجلّ : « اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ » بعد قوله « ثمّ » وهو يعني بذلك : ثمّ رفع العرش لاستيلائه عليه ؛ ولم يعن بذلك الجلوس واعتدال البدن ، لأنّ الله لا يجوز أن يكون جسماً ولا ذا بدن ، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً (٢)
________________________
(١) في نسخة : لان استيلاء الله تعالى .
(٢) قال السيد الرضي قدس الله روحه في كتابه تلخيص البيان بعد قوله تعالى : « ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ » : وهذه استعارة ، لان حقيقة الاستواء إنما توصف بها الاجسام التي تعلو وتهبط وتميل وتعتدل والمراد بالاستواء ههنا الاستيلاء بالقدرة والسلطان ، لا بحلول القرار والمكان ، كما يقال : استوى فلان الملك على سرير ملكه بمعنى استولى على تدبير الملك ، وملك معقد الامر والنهي ، ويحسن صفته بذلك وإن لم يكن له في الحقيقة سرير يقعد عليه ، ولا مكان عال يشار إليه ، وإنما المراد نفاذ أمره في مملكته ، واستيلاء سلطانه على رعيته .
فان قيل : فالله سبحانه مستول على كل شيء بقهره وغلبته ونفاذ أمره وقدرته ، فما معنى اختصاص *