فقال ابن أبي العوجاء : فهو في كلِّ مكان أليس إذا كان في السماء كيف يكون في الأرض ؟ وإذا كان في الأرض كيف يكون في السماء ؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : إنّما وصفت المخلوق الّذي إذا انتقل من مكان اشتغل به مكان وخلا منه مكان ، فلا يدري في المكان الّذي صار إليه ما حدث في المكان الّذي كان فيه ، فأمّا الله العظيم الشأن الملك الديّان فلا يخلو منه مكان ولا يشتغل به مكان ولا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان .
لى : ابن مسرور ، عن ابن عامر ، عن عمّه ، عن أبي أحمد محمّد بن زياد الأزديّ ، عن الفضل بن يونس مثله .
ع : الهمدانيّ والمكتّب والورّاق جميعاً ، عن عليّ ، عن أبيه ، عن الفضل مثله .
٨ ـ يد : الدقّاق ، عن حمزة بن القاسم العلويّ ، عن البرمكيّ ، عن داود بن عبد الله ، عن عمرو بن محمّد ، عن عيسى بن يونس مثله ، وزاد في آخره : والّذي بعثه بالآيات المحكمة والبراهين الواضحة ، وأيّده بنصره ، واختاره لتبليغ رسالته صدّقنا قوله : بأنَّ ربَّه بعثه وكلّمه . فقام عنه ابن أبي العوجاء وقال لأصحابه : من ألقاني في بحر هذا ؟ . وفي رواية ابن الوليد : من ألقاني في بحر هذا ، سألتكم أن تلتمسوا لي خمرة فألقيتموني على جمرة . قالوا : ما كنت في مجلسه إلّا حقيراً ، قال : إنّه ابن من حلق رؤوس من ترون .
بيان :
الطوب بالضمّ : الآجر . وطعام وخيم : غير موافق ، واستوخمه أي لم يستمرأه . ولم يستعذبه أي لم يدرك عذوبته . وحاصل ما ذكره عليهالسلام : أنّه تعالى إنّما استعبدهم بذلك ليختبرهم في إطاعتهم له ، والاختبار فيما خفي وجه الحكمة فيه على
أكثر العقول أكثر ، مع أنَّ لخصوص هذا المكان الشريف مزايا وشرائف لكونه محلَّ الأنبياء
وقبلة المصلّين وسابقاً في الخلق على جميع الأرض ، وقد أشار عليهالسلام بقوله : فهو شعبةٌ مع الفقرات الّتي بعدها إلى ما جعل الله فيه من الكمالات المعنويّة والأسرار الخفيّة
حيث جعله محلّاً لقربه ورضوانه ، ومهبطاً لرحماته وغفرانه ، وما أفاض عليه من أنوار
جبروته ، وأخفى فيه من أسرار ملكوته . والاستواء : الاعتدال . والوريد : هو العرق الّذي في
صفحة العنق وبقطعه تزول الحياة ، ففي التشبيه به دون سائر الأعضاء إشعار بكيفيّة قربه بأنَّ
قربه قرب بالعلّيّة والتأثير ، وفيما بعدها من الفِقَر إشارةٌ إلى جهة اُخرى من
قربه وهي