الخاصّة في بروجهما ، وبولوج اللّيل والنهار دخول تمام كلّ منهما في الآخر ، أو دخول بعض من كلّ منهما في الآخر بحسب الفصول .
وحاصل الاستدلال أنّ لهذه الحركات انضباطاً واتّساقاً واختلافاً وتركّباً فالانضباط يدلُّ على عدم كونها إراديّةً كما هو المشاهد من أحوال ذوي الإرادات من الممكنات ، والاختلاف يدلُّ على عدم كونها طبيعيّةً ، فإنَّ الطبيعة العادمة للشعور لا تختلف مقتضياتها كما نشاهد من حركات العناصر ، كما قالوا : إنّ الطبيعة الواحدة لا تقتضي التوجُّه إلى جهة والانصراف عنه ، ويمكن أن يقال : حاصل الدليل راجع إلى ما يحكم به الوجدان ، من أنّ مثل تلك الأفعال المحكمة المتقنة الجارية على قانون الحكمة لا يصدر عن الدهر والطبائع العادمة للشعور والإراده ، وإلى هذا يرجع قوله عليهالسلام : إن كان الدهر يذهب بهم أي الدهر العديم الشعور كيف يصدر عنه الذهاب الموافق للحكمة ولا يصدر عنه بدله الرجوع ؟ أو المراد أنّه لم يقتضي طبعه ذهاب شيء ولا يقتضي ردّه وبالعكس ، بناءاً على أنّ مقتضيات الطبائع تابعةٌ لتأثير الفاعل القادر القاهر ، ويمكن أن يكون المراد بالذهاب بهم إعدامهم ، وبرِّدهم إيجادهم ، والمراد بالدهر الطبيعة ، كما هو ظاهر كلام أكثر الدهريّة ، أي نسبة الوجود والعدم إلى الطبائع الإمكانيّة على السواء ، فإن كان الشيء يوجد بطبعه فلمَ لا يعدم ؟ فترجُّح أحدهما ترجُّحٌ بلا مرجّح يحكم العقل باستحالته . ويجري جميع تلك الاحتمالات في قوله عليهالسلام : السماء مرفوعةٌ إلى آخر كلامه عليهالسلام . وقوله عليهالسلام : لمَ لا تسقط السماء على الأرض أي لا تتحرَّك بالحركة المستقيمة حتّى تقع على الأرض . وقوله : ولمَ لا تنحدر الأرض ؟ أي تتحرّك إلى جهة التحت حتّى تقع على أطباق السماء ، أو المراد الحركة الدوريّة فيغرق الناس في الماء ، فيكون ضمير طباقها راجعاً إلى الأرض وطباق الأرض : أعلاها أي تنحدر الأرض بحيث تصير فوق ما علا منها الآن . قوله عليهالسلام . فلا يتماسكان أي في صورة السقوط والانحدار ، أو المراد فظهر أنّه لا يمكنهما التمسّك بأنفسهما بل لا بدّ من ماسك يمسكهما .
أقول :
تفصيل القول في شرح تلك الأخبار الغامضة يقتضي مقاماً آخر وإنّما نشير في هذا الكتاب إلى ما لعلّه يتبصّر به اُولوا الأذهان الثاقبة من اُولي الألباب
،