وسنبسط الكلام فيها في كتاب مرآة العقول إن شاء الله تعالى .
٢٦ ـ م : قال الإمام عليهالسلام : لما توعَّد (١) رسول الله صلىاللهعليهوآله اليهود والنواصب في جحد النبوّة والخلافة ، قال مردة اليهود وعتاة النواصب (٢) : مَن هذا الّذي ينصر محمّداً وعليّاً على أعدائهما ؟ فأنزل الله عزَّ وجلَّ : « إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ » بلا عمد من تحتها ، ولا علاقة من فوقها ، تحبسها من الوقوع عليكم ، وأنتم يا أيّها العباد والإماء اُسرائي وفي قبضي ، الأرض من تحتكم لا منجا لكم منها إن هربتم ، والسماء من فوقكم ولا محيص لكم عنها إن ذهبتم ، فإن شئت أهلكتكم بهذه ، وإن شئت أهلكتكم بتلك ، ثمّ ما في السماوات من الشمس المنيرة في نهاركم لتنتشروا في معايشكم ، ومن القمر المضيىء لكم في ليلكم لتبصروا في ظلماته وإلجاؤكم بالاستراحة بالظلمة إلى ترك مواصلة الكدِّ الّذي ينهك (٣) أبدانكم « وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ » المتتابعين الكادّين عليكم بالعجائب الّتي يحدثها ربّكم في عالمه من إسعاد وإشقاء ، وإعزاز وإذلال ، وإغناء وإفقار ، وصيف وشتاء ، وخريف وربيع ، وخصب وقحط ، وخوف وأمن . « وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ » الّتي جعلها الله مطاياكم لا تهدأ (٤) ليلاً ولا نهاراً ، ولا تقتضيكم علفاً ولا ماءاً ، وكفاكم بالرياح مؤونة تسيرها بقواكم الّتي كانت لا تقوم بها لو ركدت عنها الرياح لتمام مصالحكم ومنافعكم وبلوغ الحوائج لأنفسكم « وَمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ » وابلاً وهطلاً ورذاذاً (٥) لا ينزل عليكم دفعةً واحدةً فيغركم ويهلك معايشكم لكنّه ينزل متفرِّقاً من علا حتّى تعمّ الأوهاد والتلال والتلاع ، (٦) « فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا » فيخرج نباتها وثمارها وحبوبها « وَبَثَّ فِيهَا
________________________
(١) أي هدّد .
(٢) العتاة جمع للعاتي وهو المستكبر ومن جاوز الحد .
(٣) أي يدنف ويضنى .
(٤) المطايا جمع للمطية وهي الدابة التي تركب . ولا تهدأ أي لا تسكن .
(٥) الوابل : المطر الشديد . الهطل يفتح الهاء ـ : المطر الضعيف الدائم . وتتابع المطر المتفرق العظيم القطر . الرذاد كسحاب : المطر الضعيف ، أو الساكن الدائم الصغار القطر كالغبار ، أو هو بعد الطل .
(٦) جمع للتلعة : ما ارتفع من الارض وما انهبط منها ، من الاضداد . ولعل المراد في الخبر المعنى الثاني .