البصر أي كلَّ . والناموس : صاحب السرّ المطّلع على أمرك ، أو صاحب سرّ الخير ، و جبرئيل علیهالسلام ، والحاذق ومن يلطف مدخله ، ذكرها الفيروزآباديُّ ، ومراده هنا الربُّ تعالى شأنه . وخمل ذكره : خفي . والخامل : الساقط الّذي لا نباهة له . وقوله : الّذي يمشى به أي يذهب إلى دين محمّد صلىاللهعليهوآله وغيره بسببه ، أو يهتدى به كقوله تعالى : نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ . (١) وفي بعض النسخ « يسمى » إمّا بالتشديد أي يذكر اسمه ، أو بالتخفيف أي يرتفع الناس به ويدعون الانتساب إليه .
قال المفضّل : فلم أملك نفسي غضباً وغيظاً وحنقاً (٢) فقلت : يا عدوَّ الله ألحدت في دين الله ، وأنكرت الباري جلَّ قدسه الّذي خلقك في أحسن تقويم ، وصوَّرك في أتمّ صورة ، ونقلك في أحوالك حتّى بلغ بك إلى حيث انتهيت ، فلو تفكّرت في نفسك و صدقك لطيف حسّك لوجدت دلائل الربوبيّة وآثار الصنعة فيك قائمةً ، وشواهده ـ جلَّ وتقدَّس ـ في خلقك واضحةً ، وبراهينه لك لائحةً . فقال : يا هذا إن كنت من أهل الكلام كلّمناك ، فإن ثبت لك حجّةٌ تبعناك ، وإن لم تكن منهم فلا كلام لك ، وإن كنت من أصحاب جعفر بن محمّد الصادق فما هكذا يخاطبنا ، ولا بمثل دليلك يجادلنا ، ولقد سمع من كلامنا أكثر ممّا سمعت ، فما أفحش في خطابنا ولا تعدّى في جوابنا ، وإنّه لَلحليم الرزين العاقل الرصين ، لا يعتريه (٣) خرق ولا طيش ولا نزق ، ويسمع كلامنا ويصغي إلينا ويستعرف حجّتنا حتّى استفرغنا ما عندنا وظننّا أنّا قد قطعناه أدحض حجّتنا بكلام يسير وخطاب قصير يلزمنا به الحجّة ، ويقطع العذر ، ولا نستطيع لجوابه ردّاً ، فإن كنت من أصحابه فخاطبنا بمثل خطابه .
بيان : وصدقك بالتخفيف أي قال لك صدقاً . لطيف حسّك أي حسُّك اللّطيف أي لم يلتبس على حسّك غرائب صنع الله فيك لمعاندتك للحقِّ ، وفي بعض النسخ حسنك فالمراد بصدق الحسن ظهور ما أخفى الله فيه منه على الناظر ، وعلى الوجهين يمكن أن يقرأ صدَّقك بالتشديد بتكلّف لا يخفى على المتأمّل . والرزين : الوقور ، والرصين بالصاد
________________________
(١) الانعام : ١٢٢ .
(٢) الحنق : شدة الاغتياظ .
(٣) أي لا يصيبه .