بيان : الكوكب : المحبس . واطّرد الشيء تبع بعضه بعضاً وجرى . وقال الجوهريّ : حمّة الحرّ معظمه . وقوله عليهالسلام : إلّا من خلقه مؤمّلاً إشارة إلى أنَّ الأمل والرجاء في البقاء هو السبب لتحصيل النسل ، ولذا جعل الإنسان ذا أمل لبقاء نوعه . قوله عليهالسلام : إلّا من ضربه بالحاجة أي سبّب له أسباب الاحتجاج وخلقه بحيث يحتاج . قوله عليهالسلام : إلّا من توكّل بتقويمه أي تكفّل برفع حاجته وتقويم أوده . والحول : القوَّة .
أصف لك الآن يا مفضّل الفؤاد ، اعلم أنّ فيه ثقباً موجّهة نحو الثقب الّتي في الرية تروح عن الفؤاد ، حتّى لو اختلفت تلك الثقب وتزايل بعضها عن بعض لما وصل الروح إلى الفؤاد ولهلك الإنسان ، أفيستجيز ذو فكر ورويّة أن يزعم أنّ مثل هذا يكون بالإهمال ولا يجد شاهداً من نفسه ينزعه عن هذا القول ؟ لو رأيت فرداً من مصراعين فيه كلّوب أكنت تتوهَّم أنّه جعل كذلك بلا معنى ؟ بل كنت تعلم ضرورةً أنّه مصنوع يلقي فرداً آخر فتبرزه ليكون في اجتماعهما ضرب من المصلحة ، وهكذا تجد الذكر من الحيوان كأنّه فرد من زوج مهيّأ (١) من فرد اُنثى فيلتقيان لما فيه من دوام النسل وبقائه ، فتبّاً وخيبةً وتعساً لمنتحلي الفلسفة ، كيف عميت قلوبهم عن هذه الخلقة العجيبة حتّى أنكروا التدبير والعمد فيها ؟ لو كان فرج الرجل مسترخياً كيف كان يصل إلى قعر الرحم حتّى يفرغ النطفة فيه ؟ ولو كان منعظاً أبداً كيف كان الرجل يتقلّب في الفراش أو يمشي بين الناس وشيءٌ شاخصٌ أمامه ؟ ثمَّ يكون في ذلك مع قبح المنظر تحريك الشهوة في كلّ وقت من الرجال والنساء جميعاً ، فقدَّر الله جلَّ اسمه أن يكون أكثر ذلك لا يبدو للبصر في كلّ وقت ، ولا يكون على الرجال منه مؤونة ، بل جعل فيه القوَّة على الانتصاب وقت الحاجة إلى ذلك لما قدَّر أن يكون فيه دوام النسل وبقاؤه .
توضيح : قال الجوهريُّ ؟ : وزعته أزعه وزعاً : كففته (٢) . انتهى . والكلّوب بالتشديد : حديدة معوّجة الرأس ، وفي بعض النسخ « كلون » وهو فارسيٌّ . قوله عليهالسلام مهيّأة في بعض النسخ بالياء فلفظة « من » تعليليّة ، وفي بعضها بالنون فمن تعليليّة أو
________________________
(١) وفي نسخة : كأنه فرد من زوج مهنأ .
(٢) لم نجد في كلامه عليه السلام لفظة وزعته .