يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا قال : من قال : لا إله إلا الله محمد رسول الله. « ص ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ».
٩٥ ـ نهج : فالله الله عباد الله فإن الدنيا ماضية بكم على سنن ، وأنتم والساعة في قرن ، وكأنها قد جاءت بأشراطها ، وأزفت بأفراطها ، (١) ووقفت بكم على صراطها وكأنها قد أشرفت بزلازلها ، وأناخت بكلاكلها ، وانصرمت الدنيا بأهلها ، وأخرجتهم من حضنها ، فكانت كيوم مضى ، وشهر انقضى ، وصار جديدها رثا ، وسمينها غثا ، في موقف ضنك المقام ، وامور مشتبهة عظام ، ونار شديد كلبها ، عال لجبها ، ساطع لهبها ، متغيظ زفيرها ، متأجج سعيرها ، بعيد خمودها ، ذاك وقودها ، مخوف وعيدها ، عميق قرارها ، مظلمة أفطارها ، حامية قدروها ، فظيعة امورها ، وسيق الذين اتقوا إلى الجنة زمرا ، قد أمنوا العذاب ، وانقطع العتاب : وزحزحوا عن النار ، واطمأنت بهم الدرا ، ورضوا المثوى والقرار ، الذين كانت أعمالهم في الدنيا زاكية ، وأعينهم باكية ، وكان ليلهم في دنياهم نهارا تخشعا واستغفارا ، وكان نهارهم ليلا توحشا وانقطعاعا ، فجعل الله لهم الجنة ثوابا ، (٢) وكانوا أحق بها وأهلها في ملك دائم ، ونعيم قائم.
بيان : على سنن أي على طريقة الامم الماضية يهلككم كما أهلكهم ، والقرن حبل يشد به البعيران.(٣) بأفراطها أي مقدماتها. والكلاكل جمع الكلكل وهو الصدر ، ويقال للامر الثقيل : قد أناخ عليهم بكلكله أي هدهم ورضهم كما يهد البعير البارك من تحته إذا انيخ عليه بصدره ، والجمع باعتبار تعدد أهوالها. والحضن بالكسر : الجنب. والرث : البالي. والغث : المهزول. الضنك : الضيق. والكلب : الشدة و الاذى. واللجب : الصوت. والتغيظ : الهيجان والغليان. والذكاء : شدة وهج النار. وحمى التنور : اشتد حرها. وزخرحه عن كذا : باعده.
____________________
(١) الاشراط : العلامات. أزفت : قربت.
(٢) في النهج المطبوع : فجعل الله لهم الجنة مآبا والجزاء ثوابا.
(٣) كناية عن قربها وأن لابد منها.