ينافي التفسير الاول لان السور المضروب وبابه هما ولاية محمد وعلى صلوات الله عليهما و مثلا للناس ، وجميع الاحوال والافعال في الدنيا تتجسم وتتمثل في النشأة الاخرى ، إما بخلق الامثلة الشبيهة لها بإزائها ، أو بتحول الاعراض هناك جواهر ، والاول أوفق لحكم الحق ، ولا ينافيه صريح ما ورد في النقل.
قال الشيخ البهائي قدس الله روحه : تجسم الاعمال في النشأة الاخروية قد ورد في أحاديث متكثرة من طرق المخالف والمؤالف ، وقد روى أصحابنا رضي الله عنهم عن قيس بن عاصم(١) قال : وفدت مع جماعة من بني تميم على النبي صلىاللهعليهوآله فدخلت عليه وعنده الصلصال بن الدلهمس (٢) فقلت : يا نبي الله عظنا موعظة ننتفع بها ، فإنا قوم نعبر في البرية ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا قيس إن مع العز ذلا ، وإن مع الحياة موتا وإن مع الدنيا آخرة ، وإن لكل شئ حسيبا ، وإن لكل أجل كتابا ، وإنه لابد لك يا قيس من قرين يدفن معك وهو حي ، وتدفن معه وأنت ميت ، فإن كان كريما أكرمك
____________________
(١) هو قيس بن عاصم بن سنان بن خالد المنقرى : قال ابن حجر في التقريب ص ٤٢٦ : صحابى مشهور بالحلم نزل البصرة انتهى. وترجمه ابن عبدالبر في الاستيعاب « ج ٣ ص ٢٢٤ » وقال : قدم في وفد بنى تميم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في سنة تسع فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : هذا سيد أهل الوبر ، وكان رضياللهعنه عاقلا حليما مشهورا بالحلم ، وكان قد حرم على نفسه الخمر في الجاهلية اه. قلت : لم نجد ترجمته في كتب أصحابنا رضوان الله تعالى عليهم. (٢) ترجمه ابن حجر في الاصابة « ج ٢ ص ١٨٦ » قال : قال ابن حبان : له صحبة ، وحكى عن أمالى ابن دريد عن أبى حاتم السجستانى ، عن العتبى ، عن أبيه قال : قيس بن عاصم فوفدت مع جماعة من بنى تميم فدخلت عليه وعنده الصلصال بن الدلهمس فقال قيس : يا رسول الله عظنا عظة ننتفع بها فوعظهم موعظة حسنة ، فقال قيس : احب أن يكون هذا الكلام أبياتا من الشعر نفتخر به على من يلينا وندخرها فأمر من يأتيه بحسان ، فقال الصلصال : يا رسول الله قد حضرنى أبيات أحسبها توافق ما أراد قيس ، فقال : هاتها ، فقال :
تجنب خليطا من مقالك انما |
|
قرين الفتى في القبر ما كان يفعل |
ولابد بعد الموت من أن تعده |
|
ليوم ينادى المرء فيه فيقبل |
وان كنت مشغولا بشئ فلا تكن |
|
بغير الذى يرضى به الله تشغل |
ولن يصحب الانسان من قبل موته |
|
ومن بعده الا الذى كان يعمل |
ألا انما الانسان ضيف لاهله |
|
يقيم قليلا بينهم ثم يرحل |