الحديث أنه قال : يحشر المتكبرون كأمثال الذر ، وإن ضرس الكافر مثل احد ، وإن أهل الجنة جرد مرد مكحولون ، والحاصل أن المعاد الجسماني عبارة عن عود النفس إلى بدن هو ذلك البدن بحسب الشرع والعرف ، ومثل هذه التبدلات والمغايرات التي لا تقدح في الوحدة بحسب الشرع والعرف لا تقدح في كون المحشور هو المبدأ فافهم.
واعلم أن المعاد الجسماني مما يجب
الاعتقاد به ويكفر منكره ، أما المعاد الروحاني
أعني التذاذ النفس بعد المفارقة وتألمها باللذات والآلام العقلية فلا يتعلق
التكليف
باعتقاده ولا يكفر منكره ولا منع شرعا ولا عقلا من إثباته ، قال الامام في بعض
تصانيفه : أما القائلون بالمعاد الروحاني والجسماني معا فقد أرادوا أن يجمعوا بين الحكمة
والشريعة فقالوا : دل العقل على أن سعادة الارواح بمعرفة الله تعالى ومحبته ، وأن
سعادة الاجساد في إدراك المحسوسات ، والجمع بين هاتين السعادتين في هذه الحياة
غير ممكن ، لان الانسان مع استغراقه في تجلي أنوار عالم القدس لا يمكنه أن يلتفت
إلى
شئ من اللذات الجسمانية ، ومع استغراقه في استيفاء هذه اللذات لا يمكنه أن يلتفت
إلى اللذات الروحانية ، وإنما تعذر هذا الجمع لكون الارواح البشريه ضعيفة في
هذا العالم ، فإذا فارقت بالموت واستمدت من عالم القدس والطهارة قويت قادرة على
الجمع بين الامرين ، ولا شبهة في أن هذه الحالة هي الحالة القصوى من مراتب
السعادات ، قلت : سياق هذا الكلام مشعر بأن إثبات الروحاني إنما هو من حيث الجمع بين الشريعة
والفلسفة ، وإثباتهما ليس من المسائل الكلامية ، وهذا كما أن الرئيس أبا علي مع
إنكاره
للمعاد الجسماني على ما هو بسطه في كتاب المعاد وبالغ فيه وأقام الدليل بزعمه على
نفيه
قال في كتاب النجاة والشفاء : إنه يجب أن يعلم أن المعاد منه ما هو مقبول من الشرع
ولا سبيل إلى إثباته إلا من طرق الشريعة وتصديق خبر النبوة ، وهو الذي للبدن عند
البعث ، وخيراته وشروره معلوم لا يحتاج إلى إن يعلم ، وقد بسطت الشريعة الحقة التي
أتانا به سيدنا ومولانا محمد صلىاللهعليهوآله
حال السعادة والشقاوة التي بحسب البدن ، ومنه ما هو
مدرك بالعقل والقياس البرهاني وقد صدقه النبوة ، وهو السعادة والشقاوة الثابتتان
بالقياس إلى نفس الامر ، وإن كان الاوهام منا تقصر عن تصورهما الآن. وسياق