يوم القيامة « لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان » أي لا يسأل المجرم عن جرمه في ذلك الموطن لمايلحقه من الذهول الذي تحار له العقول ، وإن وقعت المسألة في غير ذلك الوقت بدلالة قوله : « وقفوهم إنهم مسولون » وقيل : المعنى : لا يسألان سؤال الاستفهام ليعرف ذلك بالمسألة من جهته لان الله تعالى قد أحصى الاعمال وحفظها على العباد ، وإنما يسألون سؤال تقريع وتوبيخ للمحاسبة ، وقيل : إن أهل الجنة حسان الوجوه وأهل النار سود الوجوه فلا يسألون من أي الحزبين هم ولكن يسألون سؤال تقريع.
وروي عن الرضا عليهالسلام أنه قال. فيومئذ لا يسئل منكم عن ذنبه إنس ولا جان والمعنى أن من اعتقد الحق ثم أذنب ولم يتب في الدنيا عذب عليه في البرزخ ، ويخرج يوم القيامة وليس له ذنب يسأل عنه « يعرف المجرمون بسيماهم » أي بعلامتهم وهي سواد الوجوه وزرقة العيون ، وقيل : بأمارات الخزي ، « فيؤخذ بالنواصي والاقدام » فتأخذهم الزبانية فتجمع بين نواصيهم وأقدامهم بالغل ، ثم يسحبون إلى النار ويقذفون فيها.
وفي قوله تعالى : « إذا وقعت الواقعة » : أي إذا قامت القيامة ، سميت بها لكثرة ما يقع فيها من الشدة ، أو لشدة وقعتها « ليس لوقعتها كاذبة » (١) أي ليس لمجيئها و ظهورها كذب ، وقيل : أي ليس لوقعتها قضية كاذبة أي ثبت وقوعها بالسمع والعقل : « خافضة رافعة » أي تخفض ناسا وترفع آخرين ، وقيل : تخفض أقواما إلى النار وترفع أقواما إلى الجنة « إذا رجت الارض رجا » أي حركت حركة شديدة ، وزلزلت زلزالا شديدا ، وقيل : معناه : رجت بما فيها كما يرج الغربال بما فيه ، فتخرج من في بطنها من الموتى « وبست الجبال بسا » أي فتت فتا ، وقيل : أي كسرت كسرا ، وقيل : قلعت من أصلها ، وقيل : سيرت من وجه الارض تسييرا ، وقيل : بسطت بسطا كالرمل والتراب ، وقيل : جعلت كثيبا مهيلا بعد أن كانت شامخة طويلة « فكانت هباء منبثا »
____________________
(١) قال السيد الرضى في المجازات « ص ٢٣٩ » : وهذه استعارة ، والمراد انها إذا وقعت لم ترجع عن وقوعها ولم تعدل عن طريقها ، كما يقال : قد صدق فلان الحملة ولم يكذب ، أى ولم يرجع على عقبيه ويقف عن وجهة عزمه جبنا وضعفا ووجلا وخوفا ، وتلخيص المعنى : ليس لوقعتها كذب ولا خلف إه.