وفي قوله تعالى : « إن يوم الفصل كان ميقاتا » : أي لما وعد الله من الجزاء و الحساب والثواب والعقاب « يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا » أي جماعة جماعة إلى أن تتكاملوا في القيامة ، وقيل : زمرا زمرا من كل مكان للحساب ، وكل فريق يأتي مع شكله ، وقيل : إن كل امة تأتي مع نبيها « وفتحت السماء » أي شقت لتزول الملائكة « فكانت أبوابا » أي ذات أبواب ، وقيل : صار فيها طرق ولم يكن كذلك من قبل « وسيرت الجبال » أي ازيلت عن أماكنها وذهب بها « فكانت سرابا » أي كالسراب يظن أنها جبال وليست إياها. وفي الحديث عن البراء بن عازب قال : كان معاذ بن جبل جالسا قريبا من رسول الله صلىاللهعليهوآله في منزل أبي أيوب الانصاري فقال معاذ : يا رسول الله أرأيت قول الله تعالى : « يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا » الآيات؟ فقال : يا معاذ سألت عن عظيم من الامر ثم أرسل عينيه ثم قال : تحشر عشرة أصناف من امتى أشتاتا قد ميزهم الله تعالى من المسلمين وبدل صورهم ، فبعضهم على صورة القردة ، و بعضهم على صورة الخنازير ، وبعضهم منكسون أرجلهم من فوق ووجوههم من تحت ثم يسحبون عليها ، وبعضهم عمي يترددون ، وبعضهم بكم لا يعقلون ، وبعضهم يمضغون ألسنتهم يسيل القيح من أفواههم لعابا يتقذرهم أهل الجمع ، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم ، وبعضهم مصلبون على جذوع من نار ، وبعضهم أشد نتنا من الجيف ، و بعضهم يلبسون جبابا سابغة من قطران لازقة بجلودهم ، فأما الذين على صورة القردة فالقتات من الناس ، وأما الذين على صورة الخنازير فأهل السحت ، وأما المنكسون على رؤوسهم فآكلة الربا ، والعمي : الجائرون في الحكم ، والصم البكم : المعجبون بأعمالهم ، والذين يمضغون بألسنتهم فالعلماء والقضاة الذين خالفت أعمالهم أقوالهم ، والمقطعة أيديهم وأرجلهم الذين يؤذون الجيران ، والمصلبون على جذوع من نار فالسعاة بالناس إلى السلطان ، والذين هم أشد نتنا من الجيف فالذين يتمتعون بالشهوات واللذات ويمنعون حق الله في أموالهم ، والذين يلبسون الجباب فإهل التجبر والخيلاء.
وفي قوله
تعالى : « لا يملكون
منه خطابا » : أي لا يملكون أن
يسألوا إلا فيما
أذن لهم فيه ، قال مقاتل : لا يقدر الخلق على أن يكلموا الرب إلا بإذنه « يوم يقوم