ما يقضي بينهم حتى يقتص للجماء من القرناء : إنا خلقناكم وسخرناكم لبني آدم وكنتم مطيعين أيام حياتكم فارجعوا إلى الذي كنتم ، كونوا ترابا ، فتكون ترابا ، فإذا التفت الكافر إلى شئ صار ترابا يتمنى فيقول : يا ليتني كنت في الدنيا على صورة خنزير ، رزقي كرزقه وكنت اليوم أي في الآخرة ترابا ، وقيل : إن المراد بالكافر هنا إبليس عاب آدم بأن خلق من تراب وافتخر بالنار فيوم القيامة إذا رأى كرامة آدم وولده المؤمنين قال : يا ليتني كنت ترابا.
وفي قوله تعالى : « فإذا جائت الطامة الكبرى » : هي القيامة لانها تطم على كل داهية هائلة أي تعلو وتغلب ، وقال الحسن : هي النفخة الثانية ، وقيل : هي الغاشية الغليظة المجللة التي تدفق الشئ بالغلظ ، وقيل : إن ذلك حين يساق أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار « يوم يتذكر الانسان ما سعى » أي تجيئ الطامة في يوم يتذكر الانسان ما عمله من خير أو شر « وبرزت الجحيم » أي أظهرت النار « لمن يرى » فيراها الخلق مكشوفا عنها الغطاء ويبصرونها مشاهدة.
وفي قوله
تعالى : « فإذا جائت
الصاخة » : يعني صيحة القيامة عن ابن عباس ، سميت بذلك لانها تصخ الآذان أي تبالغ في إسماعها حتى تكاد تصمها ، وقيل : لانها يصخ لها الخلق أي يستمع « يوم يفر المرء من أخيه وامه وأبيه وصاحبته » أي
زوجته « وبنيه » أي لا يلتفت إلى واحد من هؤلاء لعظم ما هو فيه وشغله بنفسه ، وإن
كان
في الدنيا يعتني بشأنهم ، وقيل : يفر منهم حذرا من مطالبتهم إياه بما بينه وبينهم
من
التبعات والمظالم ، وقيل : لعلمه بأنهم لا يشفعون له ولا يغنون عنه شيئا ، ويجوز
أن
يكون مؤمنا وأقرباؤه من أهل النار فيعاديهم ولا يلتفت إليهم ، أو يفر منهم لئلا
يرى ما
نزل بهم من الهوان « لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه » أي لكل إنسان منهم أمر عظيم
يشغله عن الاقرباء ويصرفه عنهم « وجوه يومئذ مسفرة » أي مشرقة مضيئة « ضاحكة
مستبشرة » من سرورها وفرحها بما اعد لها من الثواب ، وأراد بالوجوه أصحابها « و
وجوه يومئذ عليها غبرة » أي سواد وكأبة للهم « ترهقها » أي تعلوها وتغشاها قترة