ما تعملونه « كراما » على ربهم « كاتبين » يكتبون أعمال بني آدم « يعلمون ما تفعلون » من خير وشر « إن الابرار لفي نعيم » وهو الجنة ، والابرار أولياء الله المطيعون في الدنيا « وإن الفجار لفي جحيم » وهو العظيم من النار « يصلونها يوم الدين » أي يلزمونها بكونهم فيها « وماهم عنها بغائبين » أي لا يكونون غائبين عنها بل يكونون مؤبدين فيها ، وقد دل الدليل على أن اهل الكبيرة من المسلمين لا يخلدون في النار فالمراد بالفجار الكفار « وما أدريك ما يوم الدين » قاله تعظيما لشدته ، ثم كرر تأكيدا لذلك ، وقيل : أراد : وما أدريك ما في يوم الدين من النعيم لاهل الجنة؟ ثم ما أدرك ما في يوم الدين من العذاب لاهل النار؟ « يوم لا تملك نفس لنفس شيئا » أي لا يملك أحد الدفاع عن غيره ممن يستحق العقاب « والامر يومئذ لله » وحده ، أي الحكم له في الجزاء والثواب والعفو والانتقام. وروي عمر بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام أنه قال : إن الامر يومئذ واليوم (١) كله لله ، يا جابر إذا كان يوم القيامة بادت الحكام فلم يبق حاكم إلا الله.
وفي قوله تعالى : « إذا السماء انشقت » : أي تصدعت وانفرجت ، وانشقاقها من علامات القيامة ، وذكر ذلك في مواضع من القرآن « وأذنت لربها » أي سمعت وأطاعت في الانشقاق ، وهذا توسع أي كأنها سمعت وانقادت لتدبير الله « وحقت » أي وحق لها أن تأذن بالانقياد لامر ربها الذي خلقها وتطيع له « وإذا الارض مدت » أي بسطت باندكاك جبالها وآكامها حتى تصير كالصحيفة الملساء ، وقيل : إنها تمد مد الاديم العكاظى وتزاد في سعتها عن ابن عباس ، وقيل : سويت فلا بناء ولا جبل إلا دخل فيها « وألقت ما فيها » من الموتى والكنوز « وتخلت » أي خلت فلم يبق في بطنها شئ ، وقيل : معناه : ألقت ما في بطنها من كنوزها ومعادنها « وتخلت » مما على ظهرها من جبالها وبحارها « وأذنت لربها وحقت » ليس هذا بتكرار لان الاول في صفة السماء ، والثاني في صفة الارض ، وهذا كله من أشراط الساعة وجلائل الامور التي تكون فيها ، والتقدير : إذا كانت هذه الاشياء رأى الانسان ما قدم من خير وشر ، ويدل على هذا المحذوف قوله : « يا أيها الانسان إنك كادح إلى ربك كدحا » أي ساع إليه في عملك ، وهو
____________________
(١) الظاهر : الحكم.