وبالعرض للعصاة. وفي قوله تعالى : « فمن زحزح عن النار » فمن بعد عنها ، والزحزحة في الاصل تكرير الزح وهو الجذب بعجلة. وفي قوله تعالى : « بمفازة » بمنجاة « من العذاب » أي فائزين بالنجاة منه.
وقال الطبرسي رحمهالله في قوله سبحانه : « إنما يأكلون في بطونهم نارا » قبل فيه وجهان : أحدهما : أن النار تلتهب من أفواههم وأسماعهم وآنافهم يوم القيامة ليعلم أهل الموقف أنهم آكلة أموال اليتامى. وروي عن الباقر عليهالسلام أنه قال : قال رسول الله (ص) : يبعث ناس من قبورهم يوم القيامة تأجج أفواهم نارا ، فقيل له : يا رسول الله من هؤلاء؟ فقرأهذه الآية.
والآخر أنه ذكر ذلك على وجه المثل من حيث إن من فعل ذلك يصير إلى جهنم فيمتلئ بالنار أجوافهم عقابا على أكلهم مال اليتيم « وسيصلون سعيرا » النار المسعرة للاحراق ، وإنما ذكر البطون تأكيدا.
وفي قوله : تعالى : « ويتعد حدوده » أي يتجاوز ما حد له من الطاعات « فله عذاب مهين » سماه مهينا لان الله يجعله على وجه الاهانة ، ومن استدل بهذه الآية على أن صاحب الكبيرة من أهل الصلاة مخلد في النار ومعاقب لا محالة فقوله بعيد ، لان قوله تعالى : « ويتعد حدوده » يدل على أن المراد به من يتعدى جميع حدود الله ، وهذه صفة الكفار ، ولان صاحب الصغيرة بلا خلاف خارج من عموم الآية وإن كان فاعلا لمعصية ومتعديا حدا من حدود الله ، فإذا جاز لهذا القائل إخراجه منه بدليل جاز لغيره أن يخرج من عمومها من يشفع له النبي صلىاللهعليهوآله ، أويتفضل الله عليهم بالعفو بدليل آخر ، وأيضا فإن التائب لا بد من إخراجه من عموم الآية لقيام الدليل على وجوب قبول التوبة ، فكذلك يجب إخراج من يتفضل الله عليه بإسقاط عقابه منها لقيام الدلالة على جواز وقوع التفضل بالعفو ، فإن جعلوا الآية دالة على أن الله سبحانه لا يختار العفو جاز لغيرهم أن يجعلها دالة على أن العاصي لا يختار التوبة ، على أن في المفسرين من حمل الآية على من تعدى حدود الله وعصاه مستحلا لذلك ومن كان كذلك لا يكون إلا كافرا. وفي قوله : « فسوف نصليه نارا » أي نجعله صلى نار ونحرقه بها.