وفي قوله تعالى : « فجزاؤه جهنم خالدا فيها » قال جماعة من التابعين : إن قوله : « إن الله يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء » (١) نزلت بعد هذه الآية ، وقال أبومحلز : (٢) هي جزاؤه إن جازاه ، ويروى هذا أيضا عن أبي صالح.
ورواه العياشي بإسناده عن أبي عبدالله عليهالسلام ، وروى عاصم بن أبي النجود (٣) عن ابن عباس أنه قال : هي جزاؤه فإن شاء عذبه وإن شاء غفرله.
وروي عن أبي صالح وبكربن عبدالله وغيرهما أنه كما يقول الانسان لمن يزجره عن أمر : إن فعلت فجزاؤك القتل والضرب ، ثم إن لم يجازه بذلك لم يكن ذلك منه كذبا ، ومن تعلق بها من أهل الوعيد في أن مرتكب البكيرة لا بد أن يخلد في النار فإنا نقول له : ما أنكرت أن يكون المراد به من لا ثواب له أصلا بأن يكون كافرا أويكون قتله مستحلا لقتله ، أو قتله لاجل إيمانه؟ كمارواه العياشي عن الصادق عليهالسلام.
وفي قوله تعالى : « اولئك مأويهم » أي مستقر هم جميعا « جهنم ولا يجدون عنها محيصا » أي مخلصا ولا مهربا ولا معدلا.
وفي قوله سبحانه : « في الدرك الاسفل من النار » أي في الطبق الاسفل من النار ، فإن النار طبقات ودركات كما أن الجنة درجات فيكون المنافق في أسفل طبقة منها لقبح فعله ، وقيل : إن المنافقين في توابيت من حديد مغلقة عليهم في النار ، عن ابن مسعود وابن عباس ، وقيل : إن الادراك يجوز أن يكون منازل بعضها أسفل
____________________
(١) النساء : ٤٨.
(٢) في النسخ : أبومحلز بالحاء ، والصحيح أنه بالجيم وزان منبر ، والرجل هو لا حق بن حميد السدوسى التابعى المتوفى في سنة ١٠٦ ، سمع جماعة من التابعين كابن عباس وأنس بن مالك وأبي موسى الاشعرى وعمران بن حصين وغيرهم ، وروى عنه جماعة من التابعين منهم أنس بن سيرين وقتادة وأيوب السختياني ، واتفق العامة على توثيقه. راجع تهذيب الاسماء « ج ٢ ص ٧٠ » والتقريب « ص ٦٠٩ » والقاموس مادة « جلز ».
(٣) بتقديم النون على الجيم هو عاصم بن بهدلة الاسدى مولاهم الكوفى أبوبكر المقرى المتوفى في ١٢٨ ، ترجمه ابن حجر في التقريب « ص ٢٤٤ ».