اتخذ عند الرحمن عهدا » فهذا عهد الميت. أقول : سيأتي الخبر في باب الوصية.
وقال في قوله تعالى : « إمن أذن له الرحمن ورضي له قولا » : أي لا تنفع ذلك اليوم شفاعة أحد في غيره إلا شفاعة من أذن الله له في أن يشفع ورضي قوله فيها من الانبياء والاولياء والصالحين والصديقين والشهداء. وفي قوله سبحانه : « وقالواتخذ الرحمن ولدا » يعني من الملائكة « سبحانه » نزه نفسه عن ذلك « بل عبادمكرمون » أي ليسوا أولادا كماتز عمون بل عباد أكرمهم الله واصطفاهم « لا يسبقونه بالقول » أي لايتكلمون إلا بما يأمرهم به ربهم « وهم بأمره يعملون يعلم مابين أيديهم وما خلفهم » أي ماقدموامن أعمالهم وما أخروا منها ، يعني ما عملوا منها وماهم عاملون « ولا يشفعون إلا لمن ارتضى » أي ارتضى الله دينه ، وقال مجاهد : إلالمن رضياللهعنه. وقيل هم أهل شهادة أن لا إله إلا الله. وقيل : هم المؤمنون المستحقون للثواب ، وحقيقته أنه لا يشفعون إلا لمن ارتضي الله أن يشفع فيه ، فيكون في معنى قوله : « من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه » « وهم من خشيته » أي من خشيتهم منه ، فا ضيف المصدر إلى المفعول « مشفقون » خائفون وجلون من التقصير في عبادته.
وفي قوله سبحانه : « ولاتنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له » أي لا تنفع الشفاعة عندالله إلا لمن رضيه الله وارتضاه وأذن له في الشفاعة مثل الملائكة والانبياء والاولياء أوإلا لمن أذن الله أن يشفع له « حتى إذافزع عن قلوبهام » أي كشف الفزع عن قلوبهم واختلف في الضمير في قوله : « عن قلوبهم » فقيل : يعود إلى المشركين ، أي حتى إذا اخرج عن قلوبهم الفزع ليسمعوا كلام الملائكة « قالوا » أي الملائكة « ماذاقال ربكم قالوا » أي المشركون مجيبين لهم « الحق » أي قال الحق ، فيعترفون أن ماجاء به الرسل كان حقا ، عن ابن عباس وغيره وقيل : إن الضمير يعود إلى الملائكة ، ثم اختلف في معناه على وجوه : أحدها أن الملائكة إذا صعدوا بأعمال العبادولهم زجل (١) وصوت عظيم فتحسب الملائكة أنها الساعة فيخرون سجداو يفزعون ، فإذا علموا أنه ليس ذلك قالوا : « ماذا قال ربكم قالوا الحق ».
____________________
(١) جمع الزجلة بالضم : الصوت والضجيج.