وثانيها أن الفترة لماكانت بين عيسى ومحمد (ص) وبعث الله محمد (ص) أنزل الله سبحانه جبرئيل بالوحي ، فلما نزلت ظنت الملائكة أنه نزل بشئ من أمر الساعة فصعقوا لذلك ، فجعل جبرئيل يمربكل سماء ويكشف عنهم الفزع فرفعوا رؤوسهم و قال بعضهم لبعض : « ماذاقال ربكم قالوا الحق » يعني الوحي.
ثالثها أن الله إذا أوحى إلى بعض ملائكته لحق الملائكة غشي عند سماع الوحي ، ويصعقون ويخرون سجدا اللاية العظيمة ، فإذا فزع عن قلوبهم سألت الملائكة ذلك الملك الذي أوحي إليه : ماذاقال ربك؟ أويسأل بعضهم بعضا فيعلمون أن الامر في غيرهم.
وفي قوله تعالى : « يوم لايغني مولى عن مولى شيئا » المولى : الصاحب الذي من شأنه أن يتولى معونه صاحبه على اموره ، فيدخل في ذلك ابن العم والناصر و الحليف وغيرهم ، أي لا يغني فيه ولي عن ولي شيئا ، ولا يدفع عنه عذاب الله « ولاهم ينصرون » وهذالا ينافي ماذهب إليه أكثر الامة من إثبات الشفاعة ، لانها لاتحصل إلا بأمر الله تعالى وإذنه ، والمراد بالآية أنه ليس لهم من يدفع عنهم العذاب وينصر هم من غير أن يأذن الله لهم فيه ، ويدل عليه قوله : « إلامن رحم الله » أي إلا الذين رحمهم الله من المؤمنين ، فإنه إما أن يسقط عقابهم ابتداءا أويأذن بالشفاعة فيهم.
وفي قوله تعالى : « إلامن بعدأن يأذن الله » أي للملائكة في الشفاعة « لمن يشاء ويرضى » لهم أن يشفعوافيه.
وفي قوله تعالي : « فماتنفعهم شفاعة الشافعين » أي شفاعة الملائكة والنبيين كما نفعت الموحدين ، عن ابن عباس. وقال الحسن : لم تنفعهم شفاعة ملك ولاشهيد ولا مؤمن ، ويعضد هذا الاجماع على أن عقاب الكفر لا يسقط بالشفاعة ، وقد صحت الرواية عن ابن مسعود قال : يشفع نبيكم رابع أربعة : جبرئيل ، ثم إبراهيم ، ثم موسى أوعيسى ، ثم نبيكم ، لا يشفع أحدأكثر مما يشفع فيه نبيكم ، ثم النبيون ، ثم الصديقون ، ثم الشهداء ، ويبقى قوم في جنهم فيقال لهم : « ما سلككم في سقر » إلى قوله : « قماتنفعهم شفاعة الشافعين » قال ابن مسعود : فهؤالاء الذين يبقون في جهنم. وعن الحسن عن رسول الله (ص) قال : يقول : الرجل من أهل الجنة يوم القيامة : أي رب عبدك فلان سقاني شربة من