من الزقوم ، وإن استغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا ، ينادون من مكان بعيد : ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ، فيمسك الجواب عنهم أحيانا ثم قيل لهم : اخسؤوا فيها ولا تكلمون ، ونادوا : يا مالك ليقض علينا ربك ، قال : إنكم ماكثون.
وروي أنه يأمر الله عزوجل برجال إلى النار فيقول لمالك : قل للنار لا تحرقي لهم أقداما فقد كانوا يمشون إلى المساجد ، ولا تحرقي لهم أيديا فقد كانوا يرفعونها إلي بالدعاء ولا تحرقي لهم ألسنة فقد كانوا يكثرون تلاوة القرآن ، ولا تحرقي لهم وجوها فقد كانوا يسبغون الوضوء ، فيقول مالك : يا أشقياء فما كان حالكم؟ فيقولون : كنا نعمل لغيرالله ، فقيل لنا : خذوا ثوابكم ممن عملتم له. « ص ٩٠ ـ ٩١ »
بيان : أقول : قال الشيخ المفيد رفع الله درجته : وأما النار فهي دار من جهل الله سبحانه ، وقد يدخلها بعض من عرفه بمعصية الله تعالى ، غير أنه لا يخلد فيها بل يخرج منها إلى النعيم ، المقيم ، وليس يخلد فيها إلا الكافرون. وقال تعالى : « فأنذرتكم نارا تلظى لا يصلها إلا الاشقى الذي كذب وتولى » (١) يريد بالصلي هنا الخلود فيها. وقال تعالى : « إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا » (٢) وقال : « إن الذين كفروا لو أن لهم مافي الارض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما ماتقبل منهم » (٣) الآيتان ، وكل آية تتضمن ذكر الخلود في النار فإنما هي في الكفار دون أهل المعرفة بالله تعالى بدلائل العقول ، والكتاب المسطور ، والخبر الظاهر المشهور ، والاجماع السابق لاهل البدع من أصحاب الوعيد ، (٤) ثم قال رحمهالله : وليس يجوز أن يعرف الله تعالى من هو كافر به ، ولا يجهله من هو به مؤمن ، وكل كافر على اصولنا فهو جاهل بالله ، ومن خالف اصول الايمان من المصلين إلى قبلة الاسلام فهو عندنا جاهل بالله ، وإن أظهر القول بتوحيده ، كما أن الكافر برسول الله صلىاللهعليهوآله جاهل بالله
____________________
(١) الليل : ١٤ ـ ١٦.
(٢) النساء : ٥٦.
(٣) المائدة : ٣٦.
(٤) في شرح العقائد المطبوع : والاجماع ، والرأى السابق لاهل البدع من أصحاب الوعيد.