اليوم والسوء على الكافرين (١) » فجوابه تخصيص ذلك العذاب بما يكون على سبيل الخلود ، وأما تمسكهم بمثل قوله عليهالسلام : « من قال : لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق » فضعيف لانه إنما ينفي الخلود لا الدخول ، لنا وجوه : الاول وهوالعمدة : الآيات والاحاديث الدالة على أن المؤمنين يدخلون الجنة البتة وليس ذلك قبل دخول النار وفاقا ، فتعين أن يكون بعده ، وهو مسألة انقطاع العذاب أو بدونه وهو مسألة العفو التام قال الله تعالى : « فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. » (٢) « من عمل صالحا منكم من ذكر أو اثنى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة » (٣) وقال النبي (ص) : « من قال : لا إله إلا الله دخل الجنة » وقال : « من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة وإن زنى وإن سرق».
الثاني النصوص المشعرة بالخروج من النار كقوله تعالى : « النار مثويكم خالدين فيها إلا ماشاءالله (٤) فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز (٥) » وكقول النبي (ص) : يخرج من النار قوم بعد ما امتحشوا وصاروا فحما وحمما ، فينبتون كما ينبت الحبة في حميل السيل وخبر الواحد وإن لم يكن حجة في الاصول لكن يفيد التأييد والتأكيد بتعاضد النصوص. (٦)
الثالث وهو على قاعدة الاعتزال أن من واظب على الايمان والعمل الصالح مائة سنة وصدر عنه في أثناء ذلك أو بعده جريمة واحدة كشرب جرعة من الخمر فلا يحسن من الحكيم أن يعذبه على ذلك أبد الآباد ، ولو لم يكن هذا ظلما فلا ظلم ، أولم يستحق بهذا ذما فلاذم.
____________________
(١) النحل : ٢٧.
(٢) الزلزال : ٧.
(٣) ومن عمل صالحا من ذكر أوانثى. المؤمن : ٤٤.
(٤) الانعام : ١٢٨.
(٥) آل عمران : ١٨٥.
(٦) في هامش نسخة المصنف : قال الجزرى : فيه : يخرج قوم من النار قدامتحشوا أي اخترقوا والمحش : احتراق الجلد وظهور العظم. ويروى : « امتحشوا » لما لم يسم فاعله ، وقد محشته النار تمحشة محشا. وقال حميل السيل هو مايجئ به السيل من طين أو غثاء وغيره ، فعيل بمعنى مفعول ، فاذا تفقت فيه حبة واستقرت على شط مجرى السيل فانها تنبت في يوم وليلة ، بها سرعة عود أبدانهم واجسامهم إليهم بعد مزق النار لها. منه عنه