يعطف النظرة إلى الشعبي ويدرس أحواله فعندها لا يبقي له ريب في سقوطه عن قبول الرواية .
يتحدث المؤرخون أن الشعبي من صنايع الأمويين يرتع في دنياهم ويسير على رغباتهم ، تولى المظالم بالكوفة من قبل بشر بن مروان أيام ولايته من قبل عبد الملك (١) وتولى القضاء بالكوفة من قبل عمر بن عبد العزيز (٢) فهو مرواني النزعة لا يتحرج من كذبة ولا يتبرم من خطل ولا يعرف حرمة الشريعة المطهرة ، فكان يسمع غناء ابن عائشة فيقول متعجباً منه : يؤتي الله الحكمة من يشاء (٣) وكان ابن سريج يغني له فقيل له : من هذا ؟ قال : هذا الذي أوتي الحكم صبياً (٤) ولم ينكر أبو منصور البغدادي سماعه الغناء (٥) المحرم في الكتاب والسنة وإجماع الشيعة والسنة ولم يخف هذا الحكم على الشعبي ولكن ( مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ ) (٦) ( وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) (٧)
ولذلك تراه معرضاً عن الولاء لأمير المؤمنين وأبنائه المعصومين . يحدث ابن مطرف الكناني بسنده عن إسماعيل بن أبي خالد أنه سمع الشعبي يحلف بالله ويقول : دخل علي بن أبي طالب حفرته
____________________
(١) الأغاني ج ٢ ، ص ١٢٠ طبعة ساسي .
(٢) تاريخ الطبري ج ٨ ، ص ١٣١ .
(٣) الأغاني ج ١ ، ص ١٢١ ، ج ٢ ، ص ٧١ .
(٤) نيل الأوطار للشوكاني ج ٨ ، ص ٨٣ .
(٥) نيل الأوطار ج ٨ ، ص ٨٢ .
(٦) سورة الأعراف ، الآية ١٨٦ .
(٧) سورة العنكبوت ، الآية ١٣ .