وهنا يدلنا صاحب الأغاني على ارتيابه في بعض الأخبار ولكن لماذا يذكر ما ارتاب فيه كما يقع إليه من دون تمحيص وتحقيق ، نعم أراد أن يقدم ما يروق الناظر ويلهي السامع كما ذكر في مقدمة كتابه هذا ولو مضينا نحصي ما في روايات الأغاني من التلفيق لطال بنا القول فلنكتف بهذه الإشارة .
هذا ما يتعلق بكتاب الأغاني وأما ما يتعلق بأبي الفرج نفسه فنقول :
إن الأصبهاني كان مسرفاً أشنع الاسراف في اللذات والشهوات وقد كان لهذا الجانب من تكوينه الخلقي أثر ظاهر في كتابه ، فإن كتاب الأغاني أحفل كتاب بأخبار الخلاعة والمجون ، وهو حين يعرض للشعراء والكتّاب يهتم بسرد الجوانب الضعيفة من أخلاقهم الشخصية ويهمل الجوانب الحديثة إهمالاً ظاهراً يدل على أنه كان قليل العناية بتدوين أخبار الجد والرزانة والتجمل والاعتدال .
وهذه الناحية من الأصبهاني أفسدت كثيراً من آراء المؤلفين الذين اعتمدوا عليه .
وإن إكثار الأصبهاني من تتبع سقطات الشعراء وتلمس هفوات الكتاب جعل في كتابه جواً مشبعاً بأوزار الإثم والغواية وأذاع في الناس فكرة خاطئة هي اقترن العبقرية بالنزق والطيش والخروج من رعاية العرف والدين .
ولو خلينا الأخبار المروية جانباً ونظرنا فيما حدث به أبو الفرج عن نفسه لعرفنا مبلغ حذقه في وضع الأقاصيص .
قال : كنت في أيام
الشبيبة والصبا آلف فتى من أولاد الجند في