والكتّاب والشعراء ولهذا النحو في التأليف قيمة عظيمة إذا فهمه القارئ على الوجه الصحيح .
ولكن الخطر كل الخطر أن يطمئن الباحثون إلى أن لروايات الأغاني قيمة تأريخية وأن يبنوا على أساسها ما يشاؤون من حقائق التأريخ .
وقد جاءت أحاديث الأغاني مروية بالسند والرواية بالسند شيء ساحر فتن به كثير من الناس وظنوه علماً دقيقاً له آداب وشروط واعتماداً على هذا العلم الدقيق اطمأن كثير من الباحثين إلى روايات الأغاني ، فضلوا وأضلوا في حقائق التأريخ .
ويشهد له أن صاحب الأغاني حدث بسنده عن ابن اخ رزقان عن أبيه قال أدركت مولى لعمرو بن أبي ربيعة شيخاً كبيراً فقلت له حدثني عن عمرو بحديث غريب .
وكلمة غريب لها معناها فيما نحن بسبيله من أخذ الرواة بالتلفيق والاختلاق فإن البحث عن الأوضاع الغريبة من أحاديث ابن أبي ربيعة تدل على ظمأ النفوس إلى النادر المستطرف من القصص والأحاديث وما عسى أن يكون ذلك الخبر الغريب ؟ هو خبر يشبه من أكثر نواحيه قصة حج أبي نواس التي اخترعها ابن دريد .
وقد استمر صاحب الأغاني ينقل من أخبار عمرو بن أبي ربيعة ما طاب له من غير نقد ولا تمحيص ، ولكنه فطن في بعض ما رواه إلى تلفيق الرواة حين عرض إلى تزويج الثريا وخروجها إلى مصر وعمر غائب فقال :
[ وهذا الخبر عندي مصنوع وشعره مضعف يدل على ذلك ولكني ذكرته كما وقع إليّ ] .