دنيوية وشهوات نفسانية ، وهذا جهل وطغيان فإن المولى الجليل القابض على أزمة العباد القادر على الانتقام منهم عند التمرد على قدسه ومخالفة أمره ونهيه يصفح عنهم ويتلطف عليهم بفيض بره وإحسانه ويخصهم بالخير كله ويثيبهم بالثواب الجزيل تجاه عمل ضئيل ، ويصفح عن المآثم الكبيرة طيلة عمر العبد إن صدرت « التوبة » من صميم الخاطر والندم على ما فرط في جنب الله تعالى والعزم على أن لا يعود إلى مثله ، اللهم إلا أن يغتصب العبد حقوق الناس فالتوبة عنه إما بارضائهم أو إرجاعها إليهم ، وفي الحديث : « لو علم الله تعالى أن عبداً ينيب إليه آخر الدهر لمد في عمره إلى ذلك الوقت » (١) .
وإن تعجب فعجب أن العبد يعصيه وهو في قبضته وفي مستوى قدرته يعيش ويمرح ويسرف ويقترف الآثام ، لكنه سبحانه يفيض عليه نعمه ظاهرة وباطنة لعله يؤوب إلى السعادة ويتوب عما اجترحه من السيئات ، ولو كانت حالة العبد هذه مع أبيه العطوف عليه وأمه الحنون لرفضاه .
فكما أنه جلّ شأنه يحب للمؤمن النعيم الخالد عطاء غير مجذوذ أيضاً يود له بقاء الحرمة بين الناس ، وإسدال الستر على عثراته وهذا هو الجميل في لسان المعصوم « يا من أظهر الجميل وستر القبيح » .
____________________
(١) شرح الصحيفة للسيد علي خان ص ٣٤٦ روضة ٣٧ .