عاشت السيدة سكينة في بيت أخيها السجاد (ع) الذي لم يزل ليله ونهاره باكي العين على سيد شباب أهل الجنة ، وكان جوابه لمن يطلب منه التخفيف لئلا تذهب عيناه : إني ما نظرت إلى عماتي وأخواتي إلا تذكرت فرارهن من خيمة إلى خيمة وكان هذا دأبه في البكاء على « قتيل العبرة » إلى أن استشهد صلوات الله عليه سنة ٩٥ ، وإذا كان عميد البيت لا يفتر عن النياحة مدة حياته فما ظنك بمن حواه البيت من النساء ومن شأنهن الرقة والجزع ، والسيدة سكينة تأوي هذا البيت المفعم بالحزن والشجاء وفي مسامعها نشيج أخيها الحجة وتبصر تساقط دموعه على خديه فتشاركه في الزفرة وتجاوبه بالعبرة ولا تبارح فاكرتها الهياكل المضرجة بالدماء وقد شاهدتهم صرعى مقطعين الأوصال .
قد غير الطعن منهم كل جارحة |
|
إلا المكارم في أمن من الغير |
فهل تبقى لها لفتة إلى لوازم الحياة فضلاً عن عقد مجالس الأنس والفرح بلى كانت السيدة العفيفة مدة حياة أخيها الإمام وبعده باكية نادبة على أبيها المظلوم الممنوع من الورود وأبو عبد الله حياة الكون وري الوجود ( والماء يصدر عنه الوحش ريانا ) .
ولكن آل الزبير تحدثوا وافتعلوا وأكثروا ( فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّىٰ يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ) (١) .
____________________
(١) سورة الزخرف ، الآية ٨٣ .