يتراكضن في تلك البيداء المقفرة حين شبت النار في مضاربهم ولا محامي يلذن به إلا زين العابدين وقد انهكته العلة .
فلو أن أيوباً رأى بعض ما رأى |
|
لقال بلى هذا العظيمة بلواه |
فلم يتضعضع صبرها ولا وهي تسليمها للقضاء الجاري ولم يتحدث المؤرخون عما ينافي ثباتها على الخطوب في الكوفة والشام مع ما لاقته من شماتة ابن مرجانة وابن ميسون ونكته بالعود رأس الحسين ، وأهل المجلس يشاهدون الأنوار تتصاعد من أسارير جبهته والروائح العطرة تفوح منه وهو يرمق حرمه بعينيه ، ولما أمر يزيد بقتل رسول ملك الروم لأنه أنكر عليه فعلته نطق الرأس المقدس بصوت جهوري ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) (١) .
فأخذت الناس الحيرة وراح الرجل يحدث جليسه بالضلال الذي عمهم ، وتحدثت أندية الشام بهذا الحادث الذي لم يسمع بمثله قبل يوم الحسين ، ولما رجعت السيدة الطاهرة سكينة إلى المدينة أقامت في بيت أبيها أبي عبد الله مع نساء قومها لابسات السواد يبكين الحسين والبهاليل من آل عبد المطلب وزين العابدين يعمل لهن الطعام (٢) .
ويحدثنا أبو عبد الله الصادق (ع) عن حزن الفاطميات بقوله : ما اكتحلت هاشمية ولا اختضبت ولا رئي الدخان في بيت هاشمي خمس حجج إلى أن قتل عبيد الله بن زياد (٣) .
____________________
(١) مقتل الحسين أو حديث كربلاء ص ١٥ الطبعة الثانية ، وفيه ص ٤٠١ ذكرنا أسرار كلام الرأس المقدس .
(٢) المحاسن للبرقي المتوفي سنة ٢٧٤ ج ٢ ، ص ٤٢٠ .
(٣) البحار للمجلسي المتوفي سنة ١١١٠ ج ١٠ ص ٢٩٣ طبع الكبيني إيران .