وشاهدت أولئك المناجيد مضرجين بالدماء مقطعين الأوصال وبينهم علة الكائنات ومدار الموجودات أبو عبد الله « الحسين » (ع) : وقد مثلوا فيه بكل مثلة .
ووجهوا نحوه في الحرب أربعة |
|
السهم والسيف والخطيّ والحجرا |
فقابلت تلكم الفوادح برباطة جأش وهدوء بال ، ولولا انخراطها في الاستغراق مع الله تعالى وتفانيها في الطاعة له كما أخبر أبوها الحجة (ع) بقوله : « الغالب عليها الاستغراق مع الله » لانهدّت قواها وساخ صبرها وتبلبل فكرها وفقدت مشاعرها ، ولكنها بالرغم من ذلك لم يرعها ذل الأسر ولا شماتة العدو وتراكم الرزايا وأنين الأطفال وبكاء الفواقد فلم يصدر عنها ما لا يتفق مع الخضوع للاصلح المرضي لله تعالى .
ولو كان « أبي الضيم » يعلم بضعف عزمها وتفكك صبرها لما رافقها إلى محل تضحيته لئلا يتسبب من تلكم الأهوال الوقوع في خطر عظيم .
إن ذلك المشهد الدامي الذي لم يمر على نبي أو وصي وقابله شهيد الدين بصبر تعجبت منه ملائكة السموات كما في نص زيارته ترك الجفون قرحى والعيون عبرى والقلوب حرى إلى يوم الانقضاء على حد تعبير الإمام أبي الحسن الرضي (ع) (١) ويقول رسول الله (ص) إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً (٢) ، والسيدة سكينة أبصرت كل ما جرى في ذلك اليوم وسمعت صرخة أبيها المظلوم واستغاثته ، وشاهدت حرائر النبوة ومخدرات الإمامة
____________________
(١) أمالي الصدوق ص ٧٦ مجلس ٢٧ .
(٢) مستدرك الوسائل ج ص ٢١٧ .